Mughalatat Lughawiyya
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Genres
هذه أيضا لفظة راجت كثيرا في أحاديث المثقفين ومناقشاتهم بمعنى الرأي الذي يقبله المرء ويضمره ويتبناه، ويخطئها البعض لأن هذا المعنى يختلف عن معنى القناعة في العربية، وكلنا يعرف «القناعة» ويعرف أنها كنز لا يفنى؛ ولهذا السبب نفسه فإن بوسعنا أن نتبنى الاستعمال الجديد ونحن بمأمن من اللبس؛ فالكلمة حقا مرنة لينة أسيلة، وجمعها خفيف سائغ (قناعات
Convictions )، وهي حقا مسعفة وسعيدة في سياقات كثيرة، وما هكذا ضرتها الثقيلة «اقتناع».
هذا من جهة الوظيفة الدلالية والجمالية، فماذا عن الصواب المعجمي؟ «عندي قناعة بالموضوع» صحيحة: يمكن تخريج العبارة على أن «قناعة» اسم مصدر للفعل «اقتنع» لأنها ينطبق عليها تعريف اسم المصدر، أو أنها مصدر للفعل قنع بمعنى رضي، فقد ذكرت المعاجم اقتنع بالشيء وقنع وتقنع، ومعنى هذا إمكانية استعمال الفعلين قنع واقتنع بالتبادل، وحيث صح هذا في الفعل صح كذلك في المصدر، وقد ذكرتها بعض المعاجم الحديث كالأساسي، والمنجد.»
94
هل «كذا» أم «كذا»؟
يقولون: لا تقل هل كذا أم كذا؛ لأن «هل» لا تأتي بعدها «أم » المتصلة (وإنما تأتي بعدها «أو»).
هذه أيضا قاعدة تعلمناها، وما أسهل تعلمها، فأورثتنا ثقلة في الأسلوب والتباسا مجانيا كان منه بد. أكتب:
95 «هل معنى هذا أن نهادن أو ننتظر لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا؟ وأكتب: «هل عندك طالب أو طالبان؟»، «هل معك درهم أو دراهم؟»، «هل أستدعي محمدا أو عليا ليساعدنا؟» ... إلخ، فلا تدري أقصدت تعيين أحد الشيئين أم ألحقت أحدهما بالآخر وأردفته وماثلته!»
والحقيقة أن اللغة العربية ذاتها بريئة من اللبس هنا لأن الأصل أن تختص «هل» بطلب التصديق الإيجابي، فلا تستخدم لطلب تعيين أحد الشيئين؛ ولذا لا تقع بعدها «أم» المتصلة التي يطلب بها وبأداة الاستفهام التعيين؛ «وذلك لأن الهمزة هي الأصل في الاستفهام، قال الزمخشري في المفصل: «والهمزة أعم تصرفا في بابها من أختها «هل»، تقول: أزيد عندك أم عمرو؟» فإذا استعملنا حرف العطف «أم» للتعيين بعد الاستفهام وجب أن نستعمل معها همزة الاستفهام ولا نستعمل «هل»، كقوله تعالى:
وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ...»
Unknown page