126

بعبارة

Si besoin en est ؛ إظهارا لأن اللجنة لا تباشر اختصاصاتها المنصوص عليها في الفقرة الثالثة إلا عند الحاجة. (3)

إن الإضافة التي أدخلت في لندن على الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة، لا تزيد في اختصاصات اللجنة، فقد كان النص الأصلي يجيز لها التقدم بالتوصيات المناسبة، بعد درس أي حادث من شأنه أن يهدد الأمن في الشرق الأوسط، وهذه عبارة عامة تشمل طبعا البلاد المجاورة لمصر.

على أنه لما كان الخطر الذي يهدد البلاد المجاورة أقرب إلى مصر وأكثر تهديدا لها، فقد نصت المادة الجديدة على أنه بعد أن تقدم اللجنة توصياتها تقوم الحكومتان بتبادل الرأي فيما بينهما، بقصد اتخاذ جميع التدابير التي يرى ضرورة اتخاذها.

وهذه البلاد المجاورة هي البلاد العربية، التي ارتبطت مصر معها بميثاق الوحدة العربية، وتقضي المادة السادسة من هذا الميثاق بأنه في حالة وقوع أي اعتداء ضد إحدى الدول الأعضاء، فإن الدولة المعتدى عليها، أو المهددة بالاعتداء يكون لها الحق في أن تطلب انعقاد المجلس فورا، وبأن للمجلس أن يحدد بالإجماع التدابير التي يراها ضرورية لرد الاعتداء.

وتكاد تكون هذه الحالة هي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة المشار إليها؛ لأن كلتيهما تتناول في الواقع حالة تهديد موجه لبلد عربي، ولما كانت بريطانيا العظمى حليفة للعراق وشرق الأردن، فإنه من الطبيعي أن يقتضي هذا التهديد مشاورات بينها وبين حليفتيها، وذلك بخلاف ما قد يدور بين البلاد العربية من مشاورات لنفس الغرض، ولقد أثارت عبارة «بقصد اتخاذ ...» مخاوف أحد أعضاء هيئة المفاوضة؛ ظنا منه أن هذه العبارة لا تقرر وجوب التشاور فحسب، ولكنها تقرر كذلك في جميع الحالات وجوب اتخاذ تدابير عقب هذه المشاورة، على أن عبارة «بقصد اتخاذ تدابير» إنما تحدد موضوع المشاورة، والغرض منها، ولكنها لا تعني أن هناك تدابير يجب حتما اتخاذها على أثر هذه المشاورات، فقد تنتهي المشارة إلى أنه من المستحسن عدم اتخاذ أي تدبير. وهذا ما قد يحدث إذا ما اجتمع مفوضون بقصد إعادة النظر في معاهدة أو إبرام اتفاق أو عند عقد مؤتمر دولي بقصد تسوية مسألة معينة، فقد ينتهي الأمر بسبب عدم الاتفاق في الرأي إلى عدم إعادة النظر في المعاهدة أو عدم إبرامها أو أن تبقى المسألة المطروحة للنظر بغير حل، فالقول إذن بأن المشاورة تقتضي حتما وبصفة آلية اتخاذ التدابير، يتنافى مع فكرة التشاور التي تقوم على حرية التقدير.

يضاف إلى ذلك أن نص الفقرة الثالثة صريح في هذا الخصوص، إذ إنه ينص صراحة على أن هذه التدابير يجب اتخاذها «بالاتفاق بينهما، فيتعين إذن أن يكون هناك قبول صريح من جانب الحكومة المصرية؛ لكي يكون القرار صحيحا؛ ولكي يمكن تنفيذ أي تدبير، هذا فضلا عن أن التدبير يجب أن يكون معترفا بضرورته، الأمر الذي من شأنه أن يترك للحكومة المصرية حرية التقدير المطلقة، وأن يسمح لها برفض كل توصية أو اقتراح متذرعة في ذلك بأنها لا ترى وجه الضرورة فيه.»

وهكذا يكون للحكومة المصرية في جميع مراحل الإجراءات المشار إليها في الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة، الحق في أن ترفض بمقتضى هذا النص السير في طريق يحاول الجانب البريطاني أن يدفعها فيه.

فمن المتعين أولا أن يكون توجيه الدعوى للجنة المشتركة من الحكومتين معا، ويجب أن يكون بحث اللجنة على أساس البيانات المقدمة منهما، وإذن لا تملك الحكومة البريطانية وحدها أن تطلب إلى اللجنة درس إحدى المسائل، أو تقديم توصيات في الحالة المنصوص عليها في المادة الثالثة.

وفضلا عن ذلك فإن اللجنة عندما تطرح عليها مسألة معينة، لا تستطيع أن تقدم بشأنها توصية للحكومتين، إلا باتفاق رأي المندوبين المصريين والبريطانيين، ولما كان البلدان ممثلين في اللجنة على قدم المساواة، ولكل منهما حقوق متساوية، فليس هناك أغلبية تستطيع إملاء إرادتها على أقلية، فإن لم يتفق مندوبو الدولتين فلا تكون هناك توصيات تقدمها اللجنة إلى الحكومتين، وفي اللجنة المشتركة بين كندا والولايات المتحدة، والتي أخذت عنها فكرة اللجنة المصرية البريطانية يكون ممثلو هذين البلدين في اللجنة فريقين مستقلين، أحدهما كندي والآخر أميركي، وتتعين موافقة هذين الفريقين؛ حتى يمكن التقدم بتوصية للحكومتين. ولكل من الحكومتين الموافقة على التوصيات أو مطالبة الحكومة الأخرى بتعديلات أو رفض التوصية، وهكذا لا يمكن وضع التوصية موضع التنفيذ إلا في الحالة التي تتفق فيها الحكومتان عن طريق تبادل مذكرات في هذا الخصوص.

Unknown page