234

Al-Mubdiʿ fī sharḥ al-Muqniʿ

المبدع في شرح المقنع

Editor

محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

وَإِنْ كَانَتْ، وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ التَّمْيِيزُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَإِنْ نَسِيَتِ الْعَادَةَ، عَمِلَتْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَرْتِيبٍ، مِثْلَ أَنْ تَحِيضَ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً، وَفِي الثَّانِي خَمْسَةً، وَفِي الثَّالِثِ أَرْبَعَةً، فَإِنْ أَمْكَنَ ضَبْطُهُ بِحَيْثُ لَا يَخْتَلِفُ فَهُوَ كَالْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ضَبْطُهُ جَلَسَتِ الْأَقَلَّ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَاغْتَسَلَتْ عَقِيبَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهَا تَجْلِسُ أَكْثَرَ عَادَتِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَالنَّاسِيَةِ لِلْعَدَدِ، وَبَعَّدَهُ الْمُؤَلِّفُ ﵀ إِذْ فِيهِ أَمْرُهَا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَإِسْقَاطِهَا عَنْهَا مَعَ يَقِينِ الْوُجُوبِ، بِخِلَافِ النَّاسِيَةِ لَا نَعْلَمُ عَلَيْهَا صَلَاةً وَاجِبَةً يَقِينًا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَيْضِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الثَّانِي، وَهُوَ إِذَا اجْتَمَعَتِ الْعَادَةُ، وَالتَّمْيِيزُ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ: تُقَدِّمُ الْعَادَةَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِمَا رَوَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: «أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الدَّمِ فَقَالَ لَهَا: امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي، وَصَلِّي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مُسْتَحَاضَةٍ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ أَقْوَى لِكَوْنِهَا لَا تَبْطُلُ دَلَالَتُهَا بِخِلَافِ اللَّوْنِ، فَإِنَّهُ إِذَا زَادَ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ دَلَالَتُهُ.
(وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ التَّمْيِيزُ) عَلَى الْعَادَةِ بِشَرْطِهِ (وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ) وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " لِقَوْلِهِ ﵇ لِفَاطِمَةَ: «فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ» وَلِأَنَّ صِفَةَ الدَّمِ أَمَارَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ، وَالْعَادَةَ بِخِلَافِهِ، وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ يُوجِبُ الْغُسْلَ، فَرَجَعَ إِلَى صِفَتِهِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ كَالْمَنِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنَ الْعَادَةِ أَوْ أَقَلَّ، وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا فَلَوِ اتَّفَقَتِ الْعَادَةُ، وَالتَّمْيِيزُ عُمِلَ بِهِمَا.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ مَسَائِلُ:
مِنْهَا: إِذَا كَانَ حَيْضُهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَاسْتُحِيضَتْ، وَصَارَتْ تَرَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَسْوَدَ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ، فَمَنْ قَدَّمَ الْعَادَةَ، قَالَ: تَجْلِسُ الْخَمْسَةَ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ، وَمَنْ قَدَّمَ التَّمْيِيزَ قَالَ: تَجْلِسُ الثَّلَاثَةَ الَّتِي فِيهَا الْأَسْوَدُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي.
وَمِنْهَا: إِذَا كَانَ حَيْضُهَا سَبْعًا مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ فَاسْتُحِيضَتْ، وَصَارَتْ تَرَى سَبْعَةً أَسْوَدَ، ثُمَّ يَصِيرُ أَحْمَرَ، وَيَتَّصِلُ، فَالْأَسْوَدُ حَيْضٌ عَلَيْهِمَا، لِمُوَافَقَتِهِ الْعَادَةَ، وَالتَّمْيِيزَ، وَإِنْ رَأَتْ مَكَانَ الْأَسْوَدِ أَحْمَرَ، ثُمَّ صَارَ أَسْوَدَ، وَعَبَرَ، سَقَطَ حُكْمُ الْأَسْوَدِ لِعُبُورِهِ أَكْثَرَ

1 / 246