واحدة من أسس الحياة الدينية الفرعونية هي وجود الإلهة «ماعت
Ma’at » التي هي العدل والحق وبالتالي هي دستور تعاملات الحياة - والمبدأ نفسه هو أساس المسيحية والإسلام تحت عنوان «الدين المعاملة».
من الأشياء التي تمثل امتداد واستمرارية سلوكيات المصريين في كل العصور الاعتقاد في العين: عين حورس وعين رع والعين التي ترى من وراء القبر، والعين الشريرة وعين الحسود والسحر والسحرة واللعنة المكتوبة كلها أشياء ممارسة، وربما بأسماء وطقوس مختلفة كالسحر والزار والحسد والأحجبة على سبيل المثال.
في كل الأديان شيع ومدارس فلسفية وعقائدية. والكثير من هذه المدارس لها مقيميها فيما يشبه الأديرة والصوامع ولهم أدعية وتراتيل خاصة وطقوس اختبارية للانضمام إلى الجماعة ... إلخ، وهو أمر وارد في المسيحية الأرثوذكسية والكاثوليكية ومدارس الصوفية في الإسلام كما كان وما زال قائما في البوذية والهندوسية.
وفي مصر كانت نشأة الرهبنة في أقدم أشكالها في دير الأنبا أنطون والأنبا بول - جبل الجلالة القبلية على البحر الأحمر - في القرن الرابع الميلادي، منها انتشرت الرهبنة إلى بقية العالم. وأديرة مصر كثيرة أكبر تجمع لها في وادي النطرون وفي كثير من جهات الصعيد.
ومثيل الأديرة حركات الفكر الصوفي في الإسلام. وكانت مصر تمتلئ بالخانقاوات التي تشبه الأديرة كأماكن للعبادة وترتيل أفكار صاحب المدرسة الصوفية وطقوس أخرى. وأمثال ذلك كثرة تأسيس الطرق الصوفية في القرن 13 (بين 1200 إلى 1300م.) معظمها من المغرب، وعلى رأسها الشاذلية وأبو العباس المرسي وتلميذه أحمد البدوي، وعبد الرحيم القناوي وإبراهيم الدسوقي ثم انتشرت في أرجاء مصر. وبدأ من ق16 انتشرت طرق أخرى تركمانية وتركية الأصل كالبكتاشية والمولوية والرفاعية والنقشبدنية ... إلخ.
ولهؤلاء من أقطاب الصوفية وشهداء المسيحية وقديسها موالد ضخمة ذات طقوس يشترك فيها عشرات آلاف الناس، كأنها استمرارية مؤكدة لمواسم آلهة المعابد القديمة في بوتو وأبيدوس والكرنك وهليوبوليس من حيث الزفة والهبات والأوقاف والنذور، وذلك باعتبار أن الأولياء والقديسين هم خير وسطاء لقضاء حاجات الناس.
والأديرة والخانقاوات والتكايا هي أيضا مدارس لتطور الفكر الديني ونشره في صورة رسائل عديدة وبالتالي قامت في أحد وظائفها على التعليم والتثقيف وإحداث ما يلزم في المذاهب لتلبية أشكال التغير في الحضارة والثقافة، وإن كان عمادها الأولى هو الفائدة الروحية للممارسين مثل رهبان الدير وشيوخ الصوفية.
في آراء أن الصوفية نشأت في مصر بواسطة ذو النون المصري (860م)؛ إذ يعتبر المنبع الرئيسي الروحي للصوفية وأنه صاغ كثيرا من أفكاره في الحب الإلهي من معرفته باللغة المصرية القديمة وكتاباته في الطب والكيمياء والسحر.
وبالرغم من أن مصطلح الصوفية له رنين عربي مستمد من لبس الصوف كنوع من التقشف والزهد، إلا أن الأصل - عند الباحث مصطفى جاد الله - مصري مستمد من
Unknown page