أيتها البقية الأخيرة لمن آثرت بحبي على الناس جميعا، أيها العزيز أورستيس، لشد ما بين هذه الحال التي أراك فيها الآن وبين ما قد كنت عقدت بك من الآمال من فرق.
لست الآن إلا رمادا باطلا أحمله بين ذراعي، وإن كنت حين أبعدتك من هذا القصر - أي بني العزيز - لمملوءا قوة ونشاطا، آه! ما لي لم أفقد الحياة قبل أن أنقذتك من الموت، وبعثت بك إلى أرض غريبة!
وإذن لمت في اليوم النكد، ولكنك كنت تظفر بالمواراة في قبر أبيك، أما اليوم فقد قضيت بعيدا من وطنك، ومن ذراعي أختك هاربا منفيا، إني لشقية! لم تصب يداي على جسمك الماء المقدس، ولم أجمع بعد تحريقك ما بقي من رمادك، لقد قامت بهذا الواجب أيد أجنبية.
يا لك من شقي تعود إلى ذراعي، وإنك لخفيف الوزن في علبة ضئيلة تعسة، إلى أي حال صار ما بذلت من العناية بطفولتك، تلك العناية التي تعودتها، والتي كنت أحتمل في سبيلها هذه المشقة الحلوة؟ فما كنت في ذلك الوقت أعز على قلب أمك منك على قلبي؛ لذلك لم أعتمد على أحد في تغذيتك، لقد أخذت نفسي بذلك، وما كنت تدعو أختك إلا إياي ... وا حسرتاه! لقد اختفى كل شيء معك في يوم واحد، ولقد قضى موتك كأنه الصاعقة على كل ما أحب وآمل.
لقد قضى أبي ولقد قضيت، وها أنا هذه أموت.
ينتصر أعداؤنا؛ هذه الأم، هذه الضرة تثمل فرحا، ومع ذلك فكم وعدتني رسائلك السرية بأنك ستعود لتنزل بها العقاب! ولكن إلها عدوا لك ولي قد حرمنا هذا الانتقام؛ هو الذي بعث إلى مكان هذا الوجه الذي كنت أحبه وأوثره، والذي كانت صورته مرتسمة في نفسي بهذا الظل الذي لا وزن له، وهذا الرماد الذي لا غناء فيه، ويلي عليك! أيها التعس أورستيس أي عودة مشئومة ادخر لك هذا الإله! أأنت أيها الأخ العزيز ... أأنت الذي يعود في هذه الحال ليحرمني الحياة ولينزعها مني! استقبلني إذا في مستقرك الأخير، أضف ظلا إلى ظل لنستطيع أن نعيش معا أبد الدهر .
لقد كنت أحب أن أقاسمك الحياة ما تمتعت عيناك بضوء النهار، أما الآن فلا أتمنى إلا الموت لأقاسمك ظلمة القبر فليس الموتى بأشقياء.
الجوقة :
فكري أي إلكترا ... فكري في أن أباك لم يكن خالدا، وأن أخاك لم يكنه أيضا، خففي من ألمك واقتصدي في أنينك؛ فإن الموت ضريبة لا بد أن نؤديها يوما ما.
أورستيس (لنفسه) :
Unknown page