كلام محققي المفسرين من الخاصة والعامة كالشيخ أبي على الطبرسي وصاحب الكشاف أيضا فهو غير مستلزم لما هو خلاف الظاهر من تخصيص خطاب فلم تجدوا بغير المرضى مع ذكر الأربعة على نسق واحد واعلم أن فقهائنا قدس الله أرواحهم مختلفون فيمن وجد من الماء ما لا يكفيه من الطهارة إلا بمزجه بالمضاف بحيث لا يخرج عن الاطلاق هل يجب عليه المزج والطهارة به أم يجوز له ترك المزج واختيار التيمم فجماعة من متأخريهم كالعلامة طاب ثراه وأتباعه على الأول وجمع من متقدميهم كشيخ الطائفة قدس الله روحه وأتباعه على الثاني ولعل ابتناء هذين القولين على التفسيرين السابقين فالأول على الثاني والثاني على الأول إذ يصدق على من هذا حاله أنه غير واجد الماء يكفيه للطهارة على الأول فيندرج تحت قوله تعالى فلم تجدوا ماء بخلاف الثاني فإنه متمكن منه وبعض المحققين بنى القول الأول على كون الطهارة بالماء واجبا مطلقا فيجب المزج إذ ما لا يتم الواجب المطلق إلا به وهو مقدور واجب والثاني على أنها واجب مشروط بوجود الماء وتحصيل مقدمة الواجب المشروط غير واجب والله سبحانه أعلم درس اختلف كلام أهل اللغة في الصعيد فبعضهم كالجوهري قال التراب ووافقه ابن فارس في المجمل ونقل ابن دريد في الجمهرة عن أبي عبيدة أنه التراب الخالص الذي لا يخالطه سبخ ولا رمل ونقل الشيخ أبو علي الطبرسي في مجمع البيان عن الزجاج أن الصعيد ليس هو التراب إنما هو وجه الأرض ترابا كان أو غيره وسمي صعيدا لأنه نهاية ما يصعد من باطن الأرض وقريب منه ما نقله الجوهري عن تغلب وكذا ما نقله المحقق في المعتبر عن الخليل عن ابن الأعرابي ولاختلاف أهل اللغة في الصعيد اختلف فقهائنا في التيمم بالحجر لمن تمكن من التراب فمنعه المفيد وأتباعه لعدم دخوله في اسم الصعيد واحتج المرتضى رض عنه على أن الصعيد هو التراب بقول النبي صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا ولو كانت أجزاء الأرض طهورا وإن لم تكن ترابا لكان ذكر التراب واقعا في غير محله وأجابه المحقق في المعتبر بأنه تمسك بدلالة الخطاب وهي متروكة وأراد رحمه الله بدلالة الخطاب مفهوم اللقب وفي هذا الجواب نظر فإن للمنتصر للمرتضى رحمه الله أن يقول إن مراده رحمه الله أن النبي صلى الله عليه و آله في معرض التسهيل والتخفيف وبيان امتنان الله سبحانه عليه وعلى هذه الأمة المرحومة فلو كان مطلق وجه الأرض من الحجر ونحوه طهورا لكان ذكر التراب مخلا بانطباق الكلام على الغرض المسوق له وكان المناسب لمقتضى الحال أن يقول جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وهذا ليس استدلالا بدلالة الخطاب كيف والسيد المرتضى في كتبه الأصولية على بطلان الاستدلال بها فظهر أن استدلاله بذلك الحديث استدلال متين وأن المحقق قدس الله روحه لم يوفه حقه من التأمل وجوز الشيخ في المبسوط والمحقق و العلامة التيمم بالحجر نظرا إلى دخوله تحت الصعيد المذكور في الآية واستدل في المختلف على ذلك بصدق اسم الأرض على الحجر فإنه تراب اكتسب رطوبة لزجة وعملت حرارة الشمس فيه حتى تحجر وإذا كانت الحقيقة باقية دخل تحت الأمر وأيضا لو لم يكن الحجر أرضا لما جاز التيمم به عند فقد التراب كالمعدن والتالي باطل إجماعا هذا كلامه ويمكن الإنتصار للمرتضى وموافقيه بأنه لا خلاف بين أهل اللغة في أن التراب صعيد وأما كون الحجر صعيد فهم فيه مختلفون فامتثال قوله سبحانه " فتيمموا صعيدا طيبا " والخروج من عهده التكليف إنما يحصل بالتراب لا غير وما ذكره العلامة طاب ثراه
Page 338