وجعل علي يسفر إلى معاوية من الكوفة، يعرض عليه الطاعة ويدعوه إلى الصلح، وإلى جمع كلمة المسلمين وحقن دمائهم والدخول فيما دخل فيه الناس. وكان المسلمون قد قبلوا بيعة علي في جميع أقطار الأرض الإسلامية شرقا وغربا، إلا الشام فقد أقام معاوية في دمشق يطالب بدم عثمان ويرفض كل صلح يعرض عليه.
فلم يجد علي بدا من حربه، فسار بجيشه حتى بلغ صفين، فوجد معاوية قد سبقه في أهل الشام إلى الماء. يريد أن يظمئ عليا وجيشه، فاقتتل القوم على الماء حتى غلب أصحاب علي عليه. ولكن عليا رحمه الله أبى أن يظمئ معاوية وأهل الشام، فتركهم يشربون ويسقون أنعامهم، ويأخذون من الماء حاجتهم، وسعى السفراء بين الفريقين وعلي يعرض الصلح دائما ويظهر حجته وحجة من معه على أهل الشام، ولكن معاوية وعمرو بن العاص أبيا إلا القتال فكان القتال، وجعل المسلمون من الفريقين يتفانون، وكانت الحرب سجالا تدور الدائرة على أهل الشام يوما وعلى أصحاب علي يوما آخر. ولكن عاقبة الحرب كادت تكون لعلي، وكاد جيش الشام يهزم، وزعم الرواة أن معاوية هم أن يركب فرسه للهرب، لولا أنه ذكر شعرا فثبت هذا الشعر قلبه، وهو هذه الأبيات:
أبت لي عفتي وأبى بلائي
وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإجشامي على المكروه نفسي
وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت
مكانك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحات
وأحمي بعد عن عرض صحيح
Unknown page