145

Maqamat

مقامات القرني

Genres

وأما كثرة الهم : فلانشغال باله بالسندات ، وتعلقه بالشيكات ، وانصرافه إلى العقارات ، وتفكره في الواردات والصادرات .

وأما دوام الغم : فلحرصه على الزيادة ، وتذكره أولاده وأحفاده ، فتذهب عنه السعادة ، ويشغل عن العبادة . وأحب أبواب العلم إلى التاجر البخيل ، باب الحث على الاقتصاد . وأثقل باب عليه باب الجود والأجواد .

ثم قال : ولا تنس حديث : "ذهب أهل الدثور بالأجور" ، فهؤلاء أهل العمل المبرور ، والسعي المشكور ، والتجارة التي لا تبور ، وهم الذين بنوا المساجد ، لكل راكع وساجد ، وأطعموا الفقراء والمساكين ، وأسعفوا البؤساء والمحتاجين ، وبذلوا المال والطعام ، وكفلوا الأيتام ، فهم يجمعون الحسنات كل حين ، وتذكر حديث : (( لا حسد إلا في اثنتين )) .

قلنا : فما أحسن المكاسب لمن أراد التجارة ، أهو البيع أم الإجارة ؟ أم المنصب والوزارة ؟ أم الزراعة والعمارة ؟

قال : أما البيع فإذا سلم من الغش والكذب ، والخداع واللعب ، فهو أعظم سبب ، لنيل الفضة والذهب :

لا تبع في السوق دينا غاليا

واحفظن دينك من نار الكذب

وأما المنصب : فنصب ، ووصب ، وتعب

نصب المنصب أوهى جلدي

يا عنائي من مداراة السفل

وأما الإمارة فنعمت المرضعة ، وبئست الفاطمة ، ويعترضها أمور قاصمة :

يسرك أني نلت ما نال جعفر

وأن أمير المؤمنين أغصني

من الملك أو ما نال يحيى بن خالد

مغصهما بالمرهفات البوارد

وأما الزراعة ، فهي لأهل المسكنة والضراعة ، ويجتنبها أهل البراعة ، لأنها تعب وإجهاد ، وصدود عن الجهاد :

إذا زرع القوم النخيل بأرضهم

فزرعك أغلى من نخيل الفضائل

وأما العمارة ، فتارة وتارة ، بين الربح والخسارة ، صادقة غدارة .

يا عامرا لخراب الدار مجتهدا

Page 45