Manṭaliqāt Ṭālib al-ʿIlm
منطلقات طالب العلم
Publisher
المكتبة الإسلامية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م
Publisher Location
القاهرة
Genres
فكذلك العلم والإيمان الذي أنزله في القلوب، فاحتملته فأثار منها بسبب مخالطته لها ما فيها من غثاء الشهوات، وزبد الشبهات الباطلة يطفو في أعلاها واستقر العلم والإيمان والهدى في جذر القلب، فلا يزال ذلك الغثاء والزبد يذهب جفاء، ويزول شيئًا فشيئًا حتى يزول كله، ويبقى العلم النافع والإيمان الخالص في جذر القلب، يرده الناس فيشربون ويسقون ويمرعون.
وفي الصحيح من حديث أبى موسى عن النبي قال: " مثل ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم، كمثل غيث أصاب أرضًا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فانبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها طائفة أجادب أمسكت الماء فسقى الناس وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه دين الله تعالى ونفعه ما بعثنى الله به، فعَلِم وعَّلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " (١). أهـ (٢)
فانظر - رحمك الله - إلى هذا الحديث فهو يصف لك الحال الذي نود شرحه، فقد شبه لك فيه رسول الله ﷺ العلم بالغيث، والقلب بالأرض " كمثل غيث أصاب أرضًا "، فكما ينزل الغيث على الأرض ينزل العلم على القلب، فلو أنَّ غيثًا أصاب أرضًا بها حنظل، إذًا لزاد الغيثُ الحنظلَ مرارةً، ولو أنَّ غيثًا أصاب أرضًا بها شوك إذًا لزاد الغيثُ الشوك توهجًا، وهكذا
(١) أخرجه البخاري (٧٩) ك العلم، باب فضل من علم وعلَّم، ومسلم (٢٢٨٢) ك الفضائل، باب بيان مثل ما بعث به النبي من الهدى والعلم. (٢) الوابل الصيب ص (٦٨، ٦٩) ط دار الكتب العلمية.
1 / 174