Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir

Cabd Allah Akhwad d. 1450 AH
85

Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir

المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي

Genres

88 (1)

كفعالية علمية داخلية للفكر الإسلامي، تستبدل التراث الافتخاري والهجومي الطويل الذي ميز موقف الإسلام من الأديان الأخرى بالموقف المقارن. يتطلب الأمر هنا جهدا كبيرا من أجل تحرير هذا الفكر، طبقا للفكرة الباشلارية التي تقول بأنه لا يمكن أن يتقدم الفكر العلمي إلا بتهديم المعارف الخاطئة الراسخة. (2)

كفعالية علمية متضامنة مع الفكر المعاصر كله، إن الإسلاميات التطبيقية تدرس الإسلام ضمن منظور المساهمة العامة لإنجاز الأنثروبولوجيا الدينية.

يخضع أركون بهذا العمل القرآن لمحك النقد التاريخي المقارن والتحليل الألسني التفكيكي وللتأمل الفلسفي المتعلق بإنتاج المعنى وتوسعاته وتحولاته وانهدامه، لمواجهة ما يسميه بفرضيات الموقف الإيماني أو اليقينيات العدوانية للخطاب الأيديولوجي بالمسار «المضمون للفكر العلمي».

89

كما تسعى أيضا إلى الكشف عن العلاقة المتبادلة ما بين المصير التاريخي للمجتمعات العربية الإسلامية، وتقدم الحداثة في الغرب كانت قد تجاهلتها الإسلاميات الكلاسيكية، واكتفت بالدراسة الإيجابية لتاريخ الإسلام

90

فيلجأ إلى المنهجية السلبية ضمن منظور الإسلاميات التطبيقية على إنجاز اللامفكر فيه أو المستحيل التفكير فيه، وتبقى هذه المسلكية المنهجية هي القادرة في نظره على الإمساك بمعضلات المجتمعات العربية، وإنتاج خطاب يلائم المرحلة، وعلى طرح مشكلات حقيقية مرتبطة بمسار العرب الإبستيمولوجي، مسار مرتبط أيضا بالاكتشاف المتدرج للحداثة وبتساؤلاتها حول المنسي، والمتنكر واللامفكر فيه ضمن ماضي العرب، ويعتبر موضوع «الإسلام والعلمنة» إحدى الإشكالات الكبرى التي تعالجها الإسلاميات التطبيقية وإعادة تنظيم وترتيب العلاقة بين المفهومين، وتأسيس إطار نظري فكري يتيح مواجهات كل الصعوبات والمشاكل المعيشة في الواقع العربي المعاصر.

لقد راهن محمد أركون في التمكين لهذه الآليات في مجال الثقافة العربية الإسلامية للخروج من الانغماس في الحداثة الاستهلاكية، إلى الانغماس في الحداثة الفكرية والعقلية، لكنه رهان لم يلج إليه من بابه الطبيعي، وهو تأكيد أسبقية الذات العربية الإسلامية بمفاهيمها الحضارية ومقولاتها وثقافتها المنهجية على الغيرية التي جعلها المقياس والأولوية في إنشاء هذه الحداثة.

كما أن هذا التعدد المنهجي الذي نصادفه في متنه الفكري فبدل أن يتحول إلى عامل قوة، تحول إلى عامل ضعف في مشروعه، فالخلط العقائدي لهذه المناهج حول النص الإسلامي - الوحي والتراث - لا شك أنه أضر بمساره التجديدي، فلم يستطع معه تحقيق وإنجاز عملية الإبداع التي راهن عليها، فإذا «كان الاعتداد بالزاد العلمي والمنهجي محمودا عند البعض ومنبئا عن استقلال الكيان، وتفرد الشخصية، فإنه في قراءة أركون جرحة موجبة للقدح، لا مزية جالبة للمدح».

Unknown page