[رجوع العلماء المعاصرين إلى فكر الزيدية]
واليوم وفي عصرنا هذا رأينا تحول أفكار العلماء الكبار في مصر والشام إلى عقيدة الزيدية في كثير من مسائل الأصول والفروع، وأول دليل على ذلك هو رجوع الكثيرين إلى القول بصحة العمل والاجتهاد، بينما كان محرما قبل ذلك عندهم على من يلتزم أحد المذاهب الأربعة، وقد نقلنا آنفا في هذا بعض ما رآه العلماء من ذلك، ونحن الآن ننقل المزيد من ذلك.
فهذا ما قاله الأستاذ محمد عمارة في تقديم كتاب (رسائل العدل والتوحيد) الجزء الثاني، تأليف الإمام الهادي لدين الله يحيى بن الحسين ، المطبوع في دار الهلال سنة 1971م الموافق سنة 1391ه:
قال الأستاذ عمارة ما لفظه: ويزيد من أهمية هذه الرسائل أن الفكر الإسلامي الذي تضمنته من الممكن بل ومن الضروري أن يتحول بالنسبة لنا إلى (جذور) نصل بها فكرنا المعاصر، و(أصول) ننسج بينها وبين مستقبلنا الفكري الكثير من الخيوط.. لا لأنها جزء عزيز علينا من الماضي والتراث، ولا لأنها رسائل قد كتبت تحت راية الإسلام، ولا لأنها تمثل نقاء الفكر العربي الأصيل في موضوع الحرية الإنسانية، لا لكل ذلك فحسب، ولكن للصلاحيات الجمة والشديدة التي تمتلكها أفكار هذه الرسائل، كي تمثل بالنسبة لفكرنا المعاصر (الأصول) و(الجذور) وذلك دون أدنى حيدة أو ميل عن الالتزام بالاستنارة وسعة الأفق، والموقف التقدمي في الحياة الفكرة والثقافية، وأيضا في الممارسة العملية لما في هذه الثقافة من قيم وآراء ونظريات.
ونحن إذا ابتغينا بعض الأمثلة التي نبرهن بواسطتها على هذه الدعوى، ونفصل بها هذا الإجمال، فإن في العديد من صفحات هذه الرسائل العديد من الحجج والكثير من البراهين.
Page 42