مقابل صريح لمنهج الاستنباط؛ لأن الاستنباط
deduction
استدلال هابط يبدأ من مقدمات كلية، ويهبط منها إلى نتائج جزئية تلزم عنها بالضرورة، ينتقل من الكل إلى الجزء بغير حاجة إلى تجريب، أما الاستقراء فهو استدلال صاعد، ينتقل من الجزء إلى الكل، فيبدأ من ملاحظة جزئيات تجريبية، ليصعد منها إلى صيغة كلية على هيئة قانون كلي عام، يحكم جميع الحالات المتماثلة أينما وقعت ووقتما وقعت.
هكذا نجد الاستقراء في جوهره عملية تعميم للملاحظات التجريبية، وقد استند هذا التعميم على مبادئ ثلاث تبرره، وهي السببية وإطراد الطبيعة والحتمية، وهذه المبادئ الثلاثة تؤكد انتظام الطبيعة وتناسقها، وخضوعها لقوانين شاملة يكشف عنها العلم، وعن طريق استقراء ماضيها يتنبأ بمستقبلها. السببية (أو العلية)
Causality
مبدأ كوني عام وشامل يعني أن حوادث هذا الكون لا تجري خبط عشواء، بل كل حدث يحدث لأن هناك سببا أو علة أحدثته، كل ظاهرة من ظواهر الكون لها سببها، وحدوث الأسباب ذاتها يوجب حدوث النتائج ذاتها، وبهذا تحدث الأحداث أو ظواهر الكون، في أنماط منتظمة يمكن اكتشافها وصياغتها في قوانين، وتلك هي مهمة العلم التجريبي، حتى قيل إن التفسير العلمي هو ذاته التعليل، اي اكتشاف العلة أو السبب.
9
أما اطراد الطبيعة
Uniformity of Nature
فيعني أن أحداث الطبيعة تجري على وتيرة واحدة؛ أي بشكل مطرد لا تغير فيه، ما حدث بالأمس سيحدث في المستقبل، طالما أن كل حدث حالة أو مثال لقانون سببي شامل. ثم يأتي مبدأ الحتمية
Unknown page