Madkhal Ila Cilaj Nafsi
مدخل إلى العلاج النفسي الوجودي
Genres
يجب أن يجد المعالجون طريقة تنمي في مرضاهم شيئا من الشغف بالآخرين والاهتمام بهم. ولعل العلاج الجمعي أنسب وسط يمكن أن تتم فيه هذه المحاولة. ولنضرب مثلا بالمرضى النرجسيين المنغمسين بذاتهم. إن الأسلوب الذي به يأخذون دون أن يعطوا يصبح ساطع الوضوح في العلاج الجمعي. في مثل هذه الحالات يجمل بالمعالج أن يزيد ميل الفرد وقدرته على أن يشارك الآخرين وجداناتهم بأن يطلب من المرضى من حين لآخر أن يحدسوا بما يشعر به الآخرون إبان التقلبات المختلفة في مسيرة الجماعة.
ويبقى الحل الأمثل لمشكلة اللامعنى هو المشاركة. فالمشاركة المخلصة في أي نشاط من أنشطة الحياة التي لا تحصى يعزز احتمال أن يسلك الفرد أحداث حياته في شكل متسق ما. أن تجد بيتا، أن تهتم بأفراد آخرين، أن تهتم ببعض الأفكار والمشروعات، أن تبحث، أن تبدع، أن تبني. لكل هذه الأشياء ولغيرها من صور المشاركة جزاء مضاعف. فهي تثري حياة الفرد داخليا، وتذهب عنه الضيق والكرب الناجم عما يمطره به الوجود من معطيات خام متشظية لا ينتظمها شكل ولا يأتلفها معنى.
يجب أن يتناول المعالج مسألة المشاركة بنفس التوجه الموقفي الذي يستخدمه بشأن الرغبة. فليس بمقدور المعالج أن يخلق المشاركة أو يبث في المريض روح المشاركة، ولا هذا بالشيء الضروري. فالحق أن الرغبة في المشاركة في الحياة هي دائما كامنة بالمريض، وما على المعالج إلا أن يزيل من دونها العوائق، فيشرع في استكشاف ماذا يمنع المريض من أن يحب شخصا آخر؟ لماذا لا يجد رضا وإشباعا في علاقته مع الآخرين؟ لماذا لا يجد إشباعا في عمله؟ ماذا يصده عن أن يبحث عن عمل على مقاس مواهبه واهتماماته؟ أو أن يجد بعض الجوانب السارة في عمله الحالي؟ لماذا أهمل السعي الإبداعي والكدح الديني والأهداف المتجاوزة لذاته؟
الفصل السادس
تطبيقات
«هناك وحش أقبح وأخبث وأقذر منها جميعا،
وإن كان لا يطلق حركات كبيرة ولا صيحات شديدة،
ولو شاء لجعل الأرض حطاما وابتلع العالم في تثاؤبة واحدة.
إنه السأم؛ هذا المسخ الرقيق الذي يحلم بالمقاصل وهو يدخن نارجيلته، وفي عينيه دمعة تمتلئ بها رغما عنه.»
بودلير، إلى القارئ، أزهار الشر
Unknown page