سادسا: الحديث من طريق مجمع بن يحي عن سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري وهذا الحديث وإن كان في مسلم إلا أن البعض قد يعله بأبي بردة بن أبي موسى فقد كان من الشهود زورا على حجر بن عدي رضي الله عنه بأنه (كفر كفرة صلعاء)! ففرح زياد بن أبيه بهذه الشهادة وأمر الشهود أن يشهدوا على مثلها! فمثل هذا الرجل وإن وثقه بعض أهل الحديث لكن التاريخ يدينه! وهي قضية أخرى على جانب كبير من الأهمية فالاعتماد على توثيق الرجال أو تضعيفهم بعيدا عن معرفة سيرة الرجل وتاريخه مما قصر في استيفائه كثير من المحدثين فلذلك وثق بعضهم خالد القسري وأمثاله!، ثم آل أبي موسى الأشعري فيهم انحراف عن أهل البيت ولا نأمن أن يكونوا وضعوا هذا الحديث معارضة للحديث الآخر وهو(النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف... الحديث) رواه الحاكم وصححه (3/162) والصواب أنه ضعيف الإسناد ولكن له شواهد عن أبي سعيد وعلي وأنس وسلمة بن الأكوع ويشهد له حديث الثقلين وهو متواتر.
سابعا: معنى الحديث (أتى أصحابي ما يوعدون) مشكل عندكم فما الذي أتى الصحابة بموت النبي “صلى الله عليه وآله وسلم”؟ فهذا كأنه يتفق مع من يثبت أن الاختلافات بين الصحابة بدأ من يوم السقيفة كما هو رأي أبي الحسن الأشعري وغيره، بل يدل عليه ما تواتر في التواريخ، أما غلاة السلفية فلا يثبتون الخلاف بين الصحابة إلا في عهد الإمام علي! أما الخلافات السابقة في عهد أبي بكر وعثمان رضي الله عن الجميع فينكرونها، فلا يعترفون بخلاف الأنصار ولا بقاء بعضهم ممتنعا عن بيعة أبي بكر، ولا يعترفون بخلاف بني هاشم ومن معهم كالزبير والبراء بن عازب وغيرهم الذين لم يبايعوا نحو ستة أشهر.
وغير ذلك مما هو مشهور في التواريخ بل بعضه في صحيح البخاري، كما لا يعترفون بثورة بعض الصحابة على عثمان، ويظنون أن الخارجين مجموعة من السبئية! وقد ذكرت هذه الاختلافات إجمالا في مقدمة كتاب العقائد تحت عنوان (الجذور السياسية للخلافات العقدية).
الملحوظة السادسة والعشرون:
كما نقل ص13 أثر ابن مسعود (إن الله نظر في قلوب العباد.. الأثر) وقد تكلمنا على معناه في البحث الأصلي (كتاب الصحبة) وأوضحنا أنه منصرف للصحابة من المهاجرين والأنصار وليس منصرفا لمن بعدهم فضلا عمن أساء السيرة.
الملحوظة السابعة والعشرون:
Page 18