ويقولون: صحيفة وضاء وفلان ذو طلعة وضاء، فيؤنثون لفظ الوضاء ذهابا إلى أن ألفه للتأنيث على حد ألف غراء مثلا. ومقتضاه أن الوضاء مؤنث الأوض مثل غراء وأغر، وهي مادة لم ينطقوا بها ولا يعرف لها معنى، وإنما الوضاء من الوضاءة بمعنى الحسن. يقال: وضؤ الرجل، وهو وضيء على فعيل ووضاء بضم فتشديد مثل كبير وكبار وعجيب وعجاب، فالهمزة فيه أصلية وهي لام الكلمة، ويقال في مؤنثه: وضاءة.
على أن مثل هذا الوهم قد جاء حتى في كلام بعض الجاهليين؛ لأنه من المواضع التي تلتبس على غير اللغوي. قال الحارث بن حلزة:
أجمعوا أمرهم بليل فلما
أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
فأنث الضوضاء على توهم أنه من باب شحناء وبغضاء. والذي يلزم عن هذا أن يكون اشتقاقه من ضاض يضوض، وهي مادة لم ينطقوا بها أيضا. والصحيح أن الضوضاء وزنه فعلال على حد بلبال وزلزال، واشتقاقه من الضوة وهي الصياح والجلبة، وأصله ضوضاو، ثم قلبت الواو همزة لتطرفها بعد ألف.
وأغرب منه ما جاء في القاموس حيث أورد الخشاء - بالكسر والتشديد - في مادة «خ ش ش»، وفسره بالتخويف. وليس في هذه المادة شيء من هذا المعنى. وإنما الخشاء فعال (بالكسر) من خشاه - بالتشديد - يخشيه تخشية وخشاء، مثل كذبه تكذيبا وكذابا، وقضاه تقضية وقضاء. فالهمزة فيه منقلبة عن الياء التي هي لام الكلمة كما هو ظاهر. ومن الغريب أن الشارح لم يتعرض لهذه اللفظة مع أنها لم ترد في لسان العرب الذي عنه أخذ معظم ما جاء في هذا الشرح مع ما هو معروف من كثرة تنقيب صاحب اللسان وحرصه على جمع نوادر اللغة.
ويقولون: هم في حاجة إلى الغذاء الكساء، فيستعملون الكساء بالمد لمطلق الملبوس، وإنما الكساء ثوب بعينه، وهو نحو العباءة من صوف. قال:
جزاء الله خيرا من كساء
فقد أدفأتني في ذا الشتاء
فأمك نعجة وأبوك كبش
Unknown page