قيل لَهُ: الْمَرَاسِيل حجَّة يجب الْعَمَل بهَا والمرسل: مَا انْقَطع إِسْنَاده فأخل فِيهِ بِبَعْض رُوَاته. (وَإِلَى هَذَا) ذهب إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب وَالْحسن الْبَصْرِيّ والصدر الأول كلهم وَسَائِر أَصْحَاب الحَدِيث من الْمُتَقَدِّمين.
قَالَ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ فِي أُصُوله: " قَالَ مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ: إِنْكَار الْمُرْسل بِدعَة ظَهرت بعد المئتين، وَيدل على ذَلِك إِجْمَاع النَّاس على نقل الْمُرْسل إِلَى الْيَوْم، وَلَا فَائِدَة فِي نَقله وَرِوَايَته والاشتغال بِهِ إِلَّا الْعَمَل بِمُوجبِه، وبهذه الطَّرِيقَة أثبتنا الْعَمَل بأخبار الْآحَاد المسندة ".
فَإِن قيل: هَذَا يبطل بأخبار الضُّعَفَاء والمتروكين، فَإِنَّهَا تروى وتكتب وتنقل فِي الْكتب وَمَعَ ذَلِك لَا يجب الْعَمَل بمتضمنها.
قيل لَهُ: هَذَا بَاطِل، لِأَن أَكثر المتورعين والفضلاء لَا يروون عَن الضُّعَفَاء، وَقد رُوِيَ عَن مَالك ﵀ أَنه سَأَلَهُ عبد الرَّزَّاق (أَن) يحدثه بِحَدِيث فَقَالَ: قد رويته وَلَا أحَدثك بِهِ، وَسَأَلَهُ مُسلم بن خَالِد الزنْجِي أَن يحدثه بِهِ فَقَالَ: لَو كنت مُحدثا بِهِ لحدثته، وَلَكِنِّي لَا أحدث بِهِ لِأَن رَاوِيه لم يكن (عندنَا) بذلك، وَقَالَ شُعْبَة: لِأَن أزني (أحب إِلَيّ من أَن) أحدث بِحَدِيث عَن أبان بن أبي عَيَّاش، وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَئِمَّة إِذا ثَبت عِنْدهم تَضْعِيف / رجل رموا بحَديثه، إِلَّا آحادا من الْمُحدثين لم يثبت بهم حجَّة، وَلِأَن خبر الضَّعِيف إِذا رُوِيَ فَأكْثر الْعلمَاء يبين ضعفه ويقرن بِهِ مَا يُوجب رده، فَيجوز لذَلِك.
1 / 81