Lubab Fi Culum Kitab
اللباب في علوم الكتاب
أحدها: قوله تعالى: { ومما رزقناهم ينفقون } [البقرة: 3] مدحهم على الإنفاق مما رزقهم الله تعالى فلو كان الحرام رزقا لوجب أن يستحقوا المدح إذا أنفقوا من الحرام، وذلك باطل بالاتفاق.
ثانيا : لو كان الحرام رزقا لجاز أن ينفق الغاصب منه، لقوله تعالى:
وأنفقوا من ما
[المنافقون: 10]، وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز للغاصب أن ينفق [مما أخذه]، بل يجب عليه رده، فدل على أن الحرام لا يكون رزقا.
ثالثها: قوله تعالى:
قل أرأيتم مآ أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ءآلله أذن لكم
[يونس: 59] فبين أن من حرم رزق الله، فهو مفتر على الله، فثبت أن الحرام لا يكون رزقا.
وأما السنة فما رواه أبو الحسين في كتاب " الفرائض " بإسناده عن صفوان بن أمية قال:
" كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه عمرو بن مرة فقال له: يا رسول الله إن الله كتب علي الشقوة، فلا أراني أرزق من دفي بكفي، فائذن لي في الغناء من غير فاحشة. فقال عليه الصلاة والسلام: " لا آذن لك ولا كراهة ولا نعمة كذبت أي عدو الله لقد رزقك الله [رزقا] طيبا فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه على ما أحل الله لك من حلاله، أما وإنك لو قلت بعد هذه المقدمة شيئا ضربتك ضربا وجيعا " ".
وأما المعنى فإن الله - تعالى - منع المكلف من الانتفاع به، وأمر غيره بمنعه من الانتفاع به، ومن منع من أخذ الشيء والانتفاع به لا يقال: إنه رزقه إياه، ألا ترى أنه لا يقال: إن السلطان قد رزق جنده مالا قد منعهم من أخذه، وإنما يقال: إنه رزقهم ما مكنهم من أخذه، ولا يمنعهم منه، ولا أمر بمنعهم منه.
Unknown page