Layla Thaniya Cashara
الليلة الثانية عشرة: أو ما شئت!
Genres
ما آخر هذا التعقيد؟ ما دمت الرجل أمام الدوق
فلا أمل لدي على الإطلاق بأن يهواني،
لكني امرأة في الواقع (وهو المؤسف)؛
ولذلك تذهب عبثا آهات أوليفيا المسكينة! (2 / 2 / 38-35 )
وتعلق جاي على ذلك قائلة إن فيولا تتخطى الحدود التي يفرضها عليها كونها امرأة، والمعروف أن تقاليد العصر كانت توجب صمت المرأة واحتشامها علنا، وهي تدخل إلى منطقة المهرج بأن تقول كلاما منظوما كالشعر المرسل المستمد أو الموحي بالجو الرسمي لبلاط أورسينو، وتقوم بتقديمه - بوعي ولماحية - باعتباره دورا تمثله؛ فهي تقول لأوليفيا مثلا «أكره أن تذهب كلماتي أدراج الرياح، فإلى جانب الأسلوب الممتاز الذي كتبت به، فإنني بذلت جهدا كبيرا في استظهارها» 1 / 5 / 172-174. وبهذا كما تقول جاي فإنها تقوض السلطة الثقافية التي تتمتع بها تلك اللغة الرفيعة الطنانة. وهي إذن تلعب دورا مزدوجا، وهو يتمثل في لماحيتها وقدرتها على الإلغاز مثلما يتمثل في الجمع ظاهرا وباطنا بين الجنسين، ويمكنها هذا الازدواج من الانتقال كثيرا من دورها باعتبارها نموذجا للبطلة الرومانسية التي تثير الشفقة في الأساطير، التي تخفي عاطفة الحب إلى الأبد (2 / 4 / 111) إلى دورها الآخر باعتبارها الممثلة الواعية بذاتها، والمستمتعة بأدائها ، والتي تتحدث دون تكلف إلى الجمهور، وتظهر اللماحية في عباراتها التي قد تصل إلى حد الإلغاز. وتقول جاي إن فيولا تحتفظ بعادة استخدام التوريات و«القفشات» حتى الفصل الخامس؛ حيث تلجأ إلى أسلوب النثر ولو كان في النظم المرسل.
وتختتم جاي دراستها الشائقة بإبراز أهمية البراعة اللغوية التي تبديها فيولا وهي متحررة نسبيا من الدور النمطي للمرأة (ما دامت متنكرة في ثياب رجل)، وتقول إن هذه البراعة تقع في قلب مسرحية تمتع الجمهور بثرائها اللغوي؛ ف «الليلة الثانية عشرة» حافلة بالتوريات اللفظية والألغاز، وتضرب أمثلة كثيرة على المتعة التي كان الجمهور يجدها في متابعة التراشق اللفظي، وسوف يلاحظ القارئ تواتر الأسئلة عن معاني ألفاظ بعينها، أو عن الفكاهة أو الاستعارة المقصودة، واهتمام السير أندرو بما يعتبره «لغة البلاط المنمقة»، فيحاول أن يحفظ العبارات المتصنعة في المشهد الأول من الفصل الثالث، مثل «الشذا والأريج»، و«المهيأة للاحتواء» و«المعربة عن الرضاء» (3 / 1 / 92-93) والمهرج يعلن بصراحة عن تذوقه للكلمات، فعندما يقول له سباستيان:
أرجو أن تجد مكانا آخر تنفث فيه حماقاتك؛
إذ إنك لا تعرفني! (4 / 1 / 10-11)
يجيب على الفور: «أنفث حماقاتي؟ لقد التقط التعبير من بعض العظماء ويطبقه الآن على المهرج» (4 / 1 / 12-13)، والواضح أنه يعرب بذلك عن إعجابه بالتعبير، وقبل ذلك كان قد قال: «أما من أنت وما تريد فأمور خارج سمائي، وكان يمكن أن أقول خارج «مجالي»، ولكن الكلمة أصبحت بالية» (3 / 1 / 58-60). أي إنه يريد «التجديد» ويتعمد الإتيان بالتعبير المبتكر! والمسرحية زاخرة بالألغاز اللفظية والأسماء التي تشترك في بعض الحروف مع تغيير ترتيبها، مثل فيولا وأوليفيا ومالفوليو نفسه! وقد يكون ذلك متعمدا؛ فإن اسم الأولى اسم آلة تشبه ألة الكمان وإن كانت أكبر قليلا، وإيحاؤها الموسيقي واضح، واسم مالفوليو يوحي بأصله الإيطالي بسوء النية، أو الشر، واسم أوليفيا يوحي بغصن الزيتون رمز السلام، وإن كانت الإيحاءات كلها مضمرة يفرح بها النقاد وقد لا يدركها الجمهور!
وأما الاتجاه الرئيسي للنقد النسوي فقد سبق لي أن ألمحت إلى أهم خصائصه، وهي التي سادت الساحة النقدية الحديثة، وعلى رأسها اعتبار أورسينو نرجسيا، والزعم (الخاطئ في رأيي) بأن أورسينو لا يتغير، بمعنى أنه ثابت دراميا، ومن ثم فهو شخصية نمطية، وهو الذي تقوله لندا بامبر (
Unknown page