============================================================
له فيه "متى ناظرك من تر أنه ألحن بالحجة منك فاستتر بالباطن، يعنى عليه السلام أن يقطع كلامه ، ويومىء إلى أن فى ذلك باطنا لا يتهيا له ذكره، ولا يتمادى فى الكلام الى أن يظهر عليه مخاصمه، فيكون ذلك فتثة له وداعيا إلى الاصرار على ما هو عليه ، ولسكن يبقيه على شبهة من أمره إن كان قد وجل فى مناظرته ، وإن علم أنه ألحن منه قبل المناظرة لم يناظره واستتر كذلك بالباطن منه ما أمكته، لان احتجاج المبطاين ربما شبهوابه وخيلوا للسامعين أنه الحق، كما خيل السحرة لموسى بحبالهم وعصيهم ما خيلوه ختى أوجس فى نفسه مثه خيفة موسى، وإن كان الحق بعد ذلك يدمغ الباطل ويأتى عليه، ولذلك أمر بالصمت والكتمان ، وقال جعفر بن محمد (صلعم) لبعض شيعته وقد عرضوا أنفسهم للقيام معه فقال : "سألناكم ما هو أيسر من هذا فلم تفعلوا قالوا : وما هو يا ابن رسول الله (صلعم)؟ قال : [19 ب] قلنا لكم اسكتوا فإنكم إن سكتم رضينا فلم تفعلوا، ولتشيت أمر أولياء الله ححود وشرائط وآداب ودرجات يرتقى فيها الداخل فى ذلك ، فإذا لم يقف على ذلك أولا فأولا ويرتقيه درجة درجة ووصل إليه منه الشىء قبل وصول ما يحب أن يصل إليه قبله هلك، كما أن الطفل لو حمل عليه الطعام فى خين ولادته لهلك ، ولهذا نظائر وأمثال يطول بها الكتاب ، ولذلك كان علم أولياء الله غير مطلق إلا لمن أطلقوه له لانه لوكان مطلقا لأهلك بعض الناس به بعضا كما يهلك الطفل لو حمل عليه الطعام فى حين ولادته ، والجنين لو استخرج قبل أن يلتهى إلى حد التمام ، فلهذا ولامتحان العباد أسر أولياء الله ذلك وأخفوه ، ولو نشروه وأظهروه على حقيقة الواجب فيه لما تخلف أحد عنه ، ولكن الله عز وجل تعبدلم عباده بالايمان بالغيب فقال جل من قائل : "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين [120) يؤمنون بالغيب، (1) إلى قوله " أو لتك هم المفلحون ، . ولوشاء عز وجل (1) البقرة 12
Page 57