Khususiyya Muqaddima Qasira
الخصوصية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
أما الضرر الثالث فقد أوضح بروسر أنه يتشكل من تشهير يترك انطباعا خاطئا عن المدعي لدى العامة، وعادة ما يرتكب هذا الضرر عندما ينسب رأي أو مقولة (مثل كتب أو مقالات كاذبة) إلى المدعي علانية أو عندما تستخدم صورته لكي يزين بها كتاب أو مقال ليس للمدعي أي علاقة به، ومرة أخرى، لا بد أن يكون التشهير «شديد الإساءة للشخص العاقل».
وأخيرا: ميز بروسر ضرر الاستيلاء على اسم المدعي أو هيئته من أجل مصلحة المدعى عليه، والفائدة التي يتحصل عليها المدعى عليه ليس بالضرورة أن تكون مالية؛ فقد حدث وتحصلت الفائدة، على سبيل المثال، عندما وضع اسم المدعي بالخطأ على شهادة ميلاد أحد الأطفال باعتباره الأب، على الجانب الآخر، فإن الضرر القانوني، المنتشر في عدة ولايات، عادة ما يتطلب الاستخدام غير المصرح به لهوية المدعي في أغراض تجارية (عادة في الإعلانات)، إن إقرار هذا الضرر يؤسس لما كان يسمى ب «حق الشهرة» الذي يستطيع الفرد من خلاله أن يقرر كيف يرغب في استغلال اسمه أو صورته دعائيا، وطبقا لما قاله بروسر، فإن الأشكال الأربعة لانتهاك الخصوصية تترابط فقط من خلال كون كل منها تشكل تدخلا في «حق المرء في أن يترك وشأنه».
هذا الفصل الرباعي لحق الخصوصية يعتبره البعض قد أسيء فهمه لأنه يقوض الحقيقة البديهية التي توصل إليها وارين وبرانديز والخاصة ب «الطبيعة غير المنتهكة» للخصوصية ويتجاهل أساسياتها الأخلاقية كجزء من الكرامة الإنسانية، ومع ذلك فقد تبوأ هذا التصنيف مكانة مرموقة في القانون الأمريكي للضرر، مع أنه قد جمد مفهوم الخصوصية إلى حد بعيد في أربعة أنواع، وهو الأمر الذي تنبأ به الباحث القانوني هاري كالفين:
عندما نضع في اعتبارنا ضعف العقلية القانونية أمام المسميات والتصنيفات الفخمة، ومع الوضع في الاعتبار المكانة المستحقة لبروسر، يصبح لدينا تكهن مقبول بأن الرؤية الرباعية سوف تهيمن على أي نوع من التفكير بشأن حق الخصوصية في المستقبل.
وقد سجلت التقلبات التي طرأت على هذه الأضرار الأربعة في عدد هائل من المؤلفات الأكاديمية الشهيرة، ولم يكن هذا التطور مقتصرا على الولايات المتحدة فقط، في الواقع، سعت كافة النظم القانونية المتقدمة تقريبا، بدرجة ما، إلى إقرار جوانب محددة من الخصوصية، وهذه النظم تشمل أستراليا، وكندا، والصين، وتايوان، والدنمارك، وإستونيا، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا، والمجر، وأيرلندا، والهند، وإيطاليا، وليتوانيا، ونيوزيلندا، والنرويج، والفلبين، وروسيا، وجنوب أفريقيا، وكوريا الجنوبية، وإسبانيا، وتايلاند، والغالبية العظمى من دول أمريكا اللاتينية.
حق دستوري
ظلت هذه الأضرار الأربعة الوسائل الفعالة التي تمكن القانون الأمريكي من خلالها من حماية الخصوصية، وأيضا صارت هذه الأضرار تمثل، بشكل أو بآخر، علامة على حدود الحماية الدستورية للخصوصية، وقد كان مصدر الاهتمام الرئيسي لوارين وبرانديز هو ما يمكن أن نطلق عليه الآن تطفل وسائل الإعلام، ولكن بعد عدة سنوات، أظهر برانديز (وقد صار قاضيا حينها) معارضة شديدة في قضية «أولمستد ضد الولايات المتحدة» في عام 1928، وقد أعلن برانديز أن الدستور، «مناوئا الحكومة، قد منح الفرد الحق في أن يترك وشأنه»، مضيفا، «من أجل حماية ذلك الحق، فإن كل تطفل غير مبرر من قبل الحكومة على خصوصية الفرد، أيا كانت الوسيلة المستخدمة، لا بد أن يعتبر انتهاكا للتعديل الخامس من الدستور»، وقد تبنت المحكمة العليا هذه الرؤية في قضية «كاتز ضد الولايات المتحدة»، ومنذ ذلك الحين استحضرت المحكمة العليا ذكر الخصوصية مرارا وتكرارا باعتبارها حق الفرد في أن يترك وشأنه.
أما التطور الأهم والأكثر إثارة للجدل، فقد حدث سنة 1965 مع قرار المحكمة العليا في قضية «جريزولد ضد ولاية كونيتيكت»، فقد قضت المحكمة بعدم دستورية القانون الذي أصدرته ولاية كونيتيكت والذي يقضي بحظر استخدام وسائل منع الحمل؛ لأن القانون انتهك الحق في خصوصية الحياة الزوجية، ذلك الحق الذي يعد أقدم من «ميثاق الحقوق»، إن الدستور الأمريكي ليس به ذكر لحق الخصوصية، ومع ذلك خلال سلسلة من القضايا، أقرت المحكمة العليا - من خلال ميثاق الحقوق (وخاصة التعديل الأول، والثالث، والرابع، والخامس، والتاسع) - من بين بقية حقوق الخصوصية الأخرى، ذلك الحق الخاص ب «خصوصية الارتباط»، و«الخصوصية السياسية»، و«خصوصية المشورة»، وأيضا وضعت المحكمة العليا حدودا ضد استراق السمع والتفتيش غير القانوني.
يعتبر حكم المحكمة العليا في قضية «رو ضد وايد» القرار الأكثر إثارة للجدل فيما يتعلق بحق «الخصوصية»؛ حيث قررت المحكمة، بالأغلبية، أن قانون الإجهاض الذي أقرته ولاية تكساس غير دستوري لكونه ينتهك الحق في الخصوصية، بموجب ذلك القانون، كان الإجهاض مجرما، إلا إذا أجري من أجل إنقاذ حياة المرأة الحامل، وقد أقرت المحكمة أن الولايات المتحدة قد تحظر الإجهاض لكي تحمي حياة الجنين فقط خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من الحمل، وقد قوبل ذلك الحكم - الذي وصف بأنه «بلا ريب القضية الأشهر التي فصلت فيها المحكمة العليا بالولايات المتحدة عبر تاريخها» - بترحيب متزامن من مناصري قضية المرأة، وباستهجان شديد من قبل الكثير من المسيحيين، ويعد هذا الحكم بمنزلة خيط رفيع يتعلق فيه حق النساء الأمريكيات في الإجهاض القانوني، ولا يبدو أن هناك حلولا وسطى في هذه القضية، ويصور الفقيه القانوني رونالد دوركين تصويرا صريحا ومباشرا شدة هذه الصدام، فيقول:
الحرب بين المجموعات المناهضة للإجهاض والمؤيدين له هي النسخة الأمريكية الجديدة من الحروب الأهلية الدينية الرهيبة التي اجتاحت أوروبا في القرن السابع عشر، فالجيوش المتخاصمة تزحف عبر الشوارع أو تجمع نفسها في مظاهرات عند عيادات الإجهاض، وقاعات المحاكم، والبيت الأبيض، صارخة بعضها في بعض، ومتبادلة عبارات التحقير والبصاق أحيانا، إن الإجهاض يمزق أمريكا.
Unknown page