Khurafa Muqaddima Qasira
الخرافة: مقدمة قصيرة جدا
Genres
تمارس الطقوس عندما يريد المرء أن ينتهي فصل الشتاء؛ على الأرجح عندما تشرف المؤن المخزنة على النفاد. فيلعب إنسان، عادة الملك، دور الإله ويمثل ما يحث الإله على القيام به بصورة سحرية.
في نسخة فريزر الثانية من النظرية الطقوسية للأسطورة، التي لم يرد ذكرها حتى الآن، يعتبر الملك شخصية مركزية. ولا يكتفي الملك هنا بلعب دور الإله بل يكون هو نفسه الإله، وهو ما يعنيه فريزر بقوله إن الإله يسكنه. وكما تعتمد صحة النبات على صحة إلهه، فإن صحة الإله تعتمد على صحة الملك. فكيفما يكون الملك، يكون إله النبات، ومن ثم يكون النبات نفسه. ولضمان توفير حصة ثابتة من الغذاء، يقتل المجتمع الملك وهو لا يزال في أوج قوته؛ ومن ثم تنتقل روح الإله في أمان إلى خليفته:
يعتقد [البدائيون] ... أن حياة أو روح الملك ترتبط ارتباطا وثيقا وتناغميا بازدهار المجتمع ككل، وإذا مرض الملك أو طعن في السن سيمرض القطيع ويتوقف عن التكاثر، وستتعفن المحاصيل في الحقول، وسيموت البشر جراء مرض متفش؛ بناء عليه، وفق وجهة نظرهم، لا يمكن التخلص من هذه الفواجع إلا عن طريق قتل الملك بينما لا يزال في أوج صحته؛ حتى يمكن أن تنتقل الروح الإلهية، بدورها، التي ورثها من سابقيه إلى خليفته، بينما لا تزال في كامل قوتها ولم يمسها بعد ضعف المرض والشيخوخة. (فريزر، «الغصن الذهبي»، ص312-313)
يقتل الملك في نهاية فترة حكم قصيرة أو عند ظهور أول علامة من علامات الضعف. وكما هي الحال في النسخة الأولى، الهدف هو إنهاء الشتاء، الذي يشير إلى ضعف الملك في هذه الحالة. ولا يبين فريزر على الإطلاق كيف يمكن أن يأتي الشتاء - ناهيك عن ضرورته سنويا - إذا جرى التخلص من الملك عند أو حتى قبل بداية ضعفه .
على أية حال من الأحوال، أثبتت هذه النسخة الثانية من النظرية الطقوسية للأسطورة أنها الأكثر تأثيرا إلى حد بعيد، على الرغم من أنها لا توفر في الواقع سوى رابطة واهية بين الأسطورة الدينية والطقس السحري. وبدلا من تمثيل أسطورة إله النبات، يغير الطقس من مكان إقامة الإله. فلا يموت الملك تقليدا لموت الإله بل كتضحية للحفاظ على صحة الإله. وليس من السهولة بمكان تحديد الدور الذي تلعبه الأسطورة هنا. وبدلا من إحياء الإله عن طريق التقليد السحري، يحيي الطقس الإله عن طريق الاستبدال.
في سيناريو فريزر الأول للنظرية الطقوسية للأسطورة الحقة، تنشأ الأسطورة قبل الطقس وليس بعده، كما يذهب سميث. فالأسطورة التي يجري تمثيلها في المرحلة الوسيطة المشتملة على السحر والدين، تنشأ في مرحلة الدين؛ ومن ثم تسبق الطقس الذي تطبق عليه. وفي هذه المرحلة الوسيطة، تفسر الأسطورة الهدف من الطقس - عند فريزر وكذلك سميث - ولكن من البداية. فتمنح الأسطورة الطقس معناه الأصلي والوحيد. ودون أسطورة الموت والبعث لذلك الإله، لم يكن موت وبعث إله النبات سيمثلان طقوسيا. في المقابل، تعتبر الأسطورة في منظور فريزر، وكذلك تايلور، تفسيرا للعالم - لمراحل الإنبات - وليست فقط تفسيرا للطقس، كما يذهب سميث. وفي رأي فريزر، على عكس تايلور، لا يعتبر التفسير سوى وسيلة للتحكم في العالم؛ لذا تعتبر الأسطورة النظير القديم والبدائي للعلم التطبيقي أكثر منها نظيرا للنظرية العلمية، كما هي الحال مع تايلور. وبينما قد لا يزال الطقس تطبيقا للأسطورة، تعتبر الأسطورة تابعة للطقس.
لا تتمثل أفدح أوجه القصور في النظرية الطقوسية للأسطورة لفريزر في إعاقة الأساطير والطقوس الحديثة - كما هي الحال مع سميث - بل في قصر النظرية الطقوسية للأسطورة القديمة والبدائية على الأساطير التي تدور حول إله النبات، وخاصة على الأساطير التي تدور حول موت وبعث ذلك الإله.
وفيما يناقش سميث حالة أدونيس مناقشة عابرة، يجعل فريزر أدونيس مثالا رئيسا للنمط الخرافي والطقوسي لإله النبات الذي يموت ثم يبعث. وسواء أكان فريزر متسقا أم لا، فإنه يضع أدونيس فعليا في جميع مراحل الثقافة الثلاثة التي تسبق ظهور العلم: وهي مراحل السحر، والدين، ومرحلة السحر والدين مجتمعين.
يضع فريزر حدائق أدونيس النباتية الشهيرة في مرحلته السحرية الأولى. وفي هذه المرحلة، يؤمن البشر بأن القوى غير الشخصية، وليس الآلهة، هي التي تتسبب في الأحداث في العالم المادي. كان اليونانيون القدماء ينثرون بذورهم على الأرجح في أواني زرع مملوءة بالطين؛ ليس لإقناع أحد الآلهة بإنمائها، ولكن لإجبار الأرض نفسها غير الشخصية على النمو، عن طريق قانون التشابه السحري: «إذ يفترض الجهلاء أنهم، بتقليد الفعل الذي يرغبون في تحقيقه، يسهمون بالفعل في تحقيقه.» ونظرا لعدم وجود آلهة في هذه المرحلة، من الصعب أن يكون أدونيس إله النبات. ولكن يعتبر أدونيس هو النبات نفسه؛ فلا يرمز النبات إلى أدونيس، بل أدونيس نفسه هو الذي يرمز إلى النبات.
في مرحلة فريزر الدينية الثانية، تحل الآلهة محل القوانين السحرية كمصدر للأحداث في العالم المادي، ومن ثم يصبح أدونيس، على الأقل على المستوى الحرفي، إله النبات. وباعتباره إلها للنبات، تطلب منه المحاصيل، أو يمكن أن يدعم هذا الطلب من خلال طاعة الأوامر الطقوسية والأخلاقية للإله. ويكتب فريزر نفسه أن طقوس الحداد كانت تمارس حزنا على أدونيس؛ ليس للرجوع عن موته، كما هي الحال في المرحلة التالية، بل لطلب الغفران منه له. فلم يمت أدونيس، كما هي الحال في المرحلة التالية، لأنه هبط إلى العالم السفلي، وإنما لأن البشر قتلوه بقطع ودهس وطحن الذرة؛ النبات الذي يرمز إليه. وبدلا من «التحلل الطبيعي للنباتات بصورة عامة في ظل حرارة فصل الصيف أو برودة فصل الشتاء»، فإن موت أدونيس هو «تدمير الذرة بعنف من جانب الإنسان.» ولكن لا يزال أدونيس حيا للدرجة التي تمكنه من معاقبة البشر، وهو شيء تسعى طقوس الغفران لتفاديه. ولأن أدونيس يموت بسبب موت النباتات نفسها، فإن الإله هنا، كما في المرحلة الأولى، ليس إلا استعارة تشير للعنصر الذي يتحكم فيه على الأرجح. وتارة أخرى نؤكد أن ما يحدث للنباتات يتعرض له أدونيس.
Unknown page