Khasa'is al-Tarakib Dirasah Tahliliyya li-Masa'il 'Ilm al-Ma'ani
خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني
Publisher
مكتبة وهبة
Edition Number
السابعة
Genres
وأبو يعقوب السكاكي الذي يقولون عنه إنه جمد على البلاغة يجعل نفقد الشعر والكلام المبين أساس تعريفه لعلم المعاني لأنه عنده تتبع خواص التراكيب وما يتصل بها من الاستحسان وغيره، وخواص التراكيب هي أحوال مبانيها وما وراء هذه المباني من لطائف المعاني، وقد اعترض عليه العلماء لأن التتبع ليس علما ولا يدخل في حدود العلم، وكان السكاكي كثيرا ما يعول على متعارف أهل البيان يعني ما نطق به الشعراء ودبجه الكتاب وحاكته السنة الخطباء.
ومحمود بن عمر الزمخشري لم يؤلف كتابا في البلاغة، وإنما ألف كتابا سماه أساس البلاغة، والأساس معناه الأصل والجوهر، والكتاب جمل قصار، وتخيرها مما نطق به أصحاب اللسان كأنها حبات الدر، نرى الكلمة فيها تتقلب على وجوه من المعاني في ضروب من الصيغ، وتراها في تقلبها ذات معان تختلف وتأتلف، وتتقارب وتتابعد، ولها في كل ذلك ألق يتميز، والوعي بهذه الشذرات البيانية، وهذه الجمل المتخيرة وتشربها وطول ملابستها هو أساس البلاغةن يعني إعداد النفس وإثرائها حتى إذا سمعت الكلام ميزته وعرفت منزلته من الفضل.
ولعلمائنا مقاصد وأغراض في تسميات كتبهم، ولم يسم الزمخشري كتابه: أساس البلاغة إلا وهو يقصد معنى لفظ أساس، وأن البلاغة لا تبنى إلى على هذا الأساس، وأن هذه الشذرات البيانية المختارة كأنها متن بياني يجب على طالب العلم أن يرتاض به، وأن يرتاض فيه، وأن يصقل به لسانه وعقله ولغته، ونفسه، لأن البلاغة لا وجود لها في نفس ذات حسن غليظ، ولا وجود لها إلا حين يوجد القلب الحي والنفس اليقظي، وأن مراجعة هذا الأساس هو السبيل إلى وجود القلب الحي والنفس اليقظي.
وعبد القاهر سمى كتابه: دلائل الإعجاز يعني هو دليل النبوة، وهذا الكتاب الذي هو من أصل الدين على حد ما تدل عليه تسميته بناه الشيخ على
1 / 6