Keynes Muqaddima Qasira
جون مينارد كينز: مقدمة قصيرة جدا
Genres
مصطفى محمد فؤاد
إلى ويليام
شكر وتقدير
أود أن أتوجه بالشكر لكل من بيتر أوبنهايمر، وويليام هاليجان، وكلايف لينكس؛ على تعليقاتهم المفيدة. وكل ما يشوب هذا العمل من نقص فهو مني.
مقدمة
كينز الإنسان والاقتصادي
تقوم رؤية كينز الأساسية على أننا لا نعلم ما سيحدث في المستقبل، ولا يمكننا التنبؤ به. وفي ظل هذا الوضع تمثل النقود مصدر اطمئنان نفسي في مواجهة عدم اليقين. وحينما يشعر المدخرون بالتشاؤم تجاه المستقبل، يمكنهم الاتجاه إلى الاحتفاظ بمدخراتهم بدلا من استثمارها في الأعمال؛ لذا ليس ثمة ما يضمن إنفاق الفرد لدخله بالكامل. يعني هذا أنه لا توجد نزعة فطرية لدينا لاستغلال جميع مواردنا المتاحة. يقول كينز في كتابه «النظرية العامة»:
لا يمكن تشغيل الناس عندما يكون الشيء المرغوب فيه (أي النقود) شيئا لا يمكن إنتاجه (أي نوظف الناس لإنتاجه) ولا يمكن وقف الطلب عليه بسهولة. وليس هناك حل إلا بإقناع الناس ببديل زائف للقمر يمكن تصنيعه وإخضاع من يصنعه (أي البنك المركزي) لسيطرة الدولة.
حينما ذكر كينز النقود بدلا من السلع ووصفها بأنها «الشيء المرغوب فيه»، هل كان ذلك سطحيا أم أنه قصد شيئا عميقا على نحو هزلي؟ وإلى أي مدى يمكن أخذ اقتراحه بجعل النقود مثل «البديل الزائف للقمر» على محمل الجد؟
لقد خضعت تلك المسألة للنقاش منذ ذلك الحين. فهل كان كينز مجرد متأمل لبعض الأفكار، أم أنه مخلص يقدم للعالم المريض أملا أو حلا جديدا؟ كتبت الاقتصادية بياتريس ويب، عضو الجمعية الفابية، تقول: «لم يكن كينز جادا بشأن المشكلات الاقتصادية؛ فهو يلعب معها مباراة شطرنج في أوقات فراغه. والمجال الوحيد الذي اهتم به هو علم الجمال.» أما راسل ليفنجويل - المسئول بوزارة الخزانة الأمريكية الذي تفاوض مع كينز في مؤتمر باريس للسلام عام 1919 - فقد رأى أن كينز «فاسد وخبيث دائما ... وشاب ذكي يصدم معجبيه الأكبر سنا بتشكيكه في وجود الرب والوصايا العشر!» لكن الاقتصادي جيمس ميد، الذي عرف كينز وهو طالب في مرحلة الدراسات العليا بجامعة كامبريدج وموظف عام وقت الحرب، قال عنه: «لم يكن كينز مجرد رجل عظيم جدا فحسب، بل كان رجلا رائعا كذلك.» وبالنسبة للاقتصاديين الأصغر سنا على نحو عام، فقد مثل كتاب كينز «النظرية العامة» شعاع ضوء في عالم من الظلام الدامس. وقال عنه ديفيد بينسوزان-بات، الذي أصبح أستاذا للاقتصاد بكلية كينجز كوليدج بجامعة كامبريدج عام 1933: «لقد كان الكتاب بمنزلة رسالة سماوية في عصر الظلام. لقد جاءت رأسمالية كينز المحسنة بكل ما كان يصبو إليه جيل الجمعية الفابية، بل أكثر، في الاشتراكية؛ فقد نادت بالمساواة إذا نظرنا إليها من منظور أخلاقي، وأحسنت استغلال كل شيء، وكانت سخية وبراقة ...» أما لوري تارشيس، وهو تلميذ آخر لكينز، فكتب يقول: «في النهاية كان ما قدمه كينز حقا هو «الأمل»؛ الأمل في استعادة الرخاء والحفاظ عليه دون الحاجة إلى معتقلات وأحكام إعدام واستجوابات وحشية ...»
Unknown page