Kashshaf Qinac
كشاف القناع
Publisher
مكتبة النصر الحديثة بالرياض
Edition Number
بدون تاريخ طبع [لكن أرّخ ذلك د التركي في ١٣٨٨ هـ
Publication Year
١٩٦٨ م كما في كتابه «المَذهب الحنبلي» ٢/ ٥١٠]
Publisher Location
لصاحبَيها
رِوَايَةٍ «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» .
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: رَوَيْنَا كُلَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي كِتَابِ الْأَرْبَعِينَ لِلْحَافِظِ عَبْدِ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيِّ وَرَوَيْنَاهُ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الصَّحَابِيِّ ﵁. وَالْمَشْهُورُ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُهُ هَذَا حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِمَا وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فِي أَوَّلِ صَحِيحِهِ الْمُخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ. وَرُوِيَ مَوْصُولًا وَمُرْسَلًا وَرِوَايَةُ الْمَوْصُولِ إسْنَادُهَا جَيِّدٌ قَوْلُهُ ﷺ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ»
مَعْنَاهُ لَهُ حَالٌ يُهْتَمُّ بِهِ وَمَعْنَى أَقْطَعُ أَيْ نَاقِصٌ قَلِيلُ الْبَرَكَةِ وَأَجْذَمُ وَهُوَ بِجِيمٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ، يُقَالُ جَذِمَ يَجْذَمُ كَعَلِمَ يَعْلَمُ.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: تُسْتَحَبُّ الْبُدَاءَةُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ لِكُلِّ مُصَنِّفٍ وَدَارِسٍ وَمُدَرِّسٍ وَخَطِيبٍ وَخَاطِبٍ وَمُزَوِّجٍ وَمُتَزَوِّجٍ، وَبَيْنَ يَدَيْ سَائِرِ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ انْتَهَى.
وَفِي لَفْظٍ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَقْطَعُ أَبْتَرُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ» رَوَاهُ الرَّهَاوِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدَّمَ الْبَسْمَلَةَ عَلَى الْحَمْدَلَةِ عَمَلًا بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالْإِجْمَاعِ، فَوَقَعَ الِابْتِدَاءُ بِهَا حَقِيقَةً وَبِالْحَمْدَلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا.
إذْ الِابْتِدَاءُ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ يُعْتَبَرُ مُمْتَدًّا مِنْ الْأَخْذِ فِي التَّأْلِيفِ إلَى الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ خَبَرَيْهِمَا وَأَصْلُ الْحَمْدِ النَّصْبُ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَادِر شَاعَ اسْتِعْمَالُهَا مَنْصُوبَةً بِإِضْمَارِ أَفْعَالِهَا وَعُدِلَ إلَى رَفْعِهِ كَمَا فِي سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ، وَأَلْ فِي الْحَمْدُ لِلْجِنْسِ أَوْ الِاسْتِغْرَاقِ أَوْ الْعَهْدِ، وَاللَّامُ فِي لِلَّهِ لِلْمِلْكِ أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ التَّعْلِيلِ، أَيْ جَمِيعُ الْمَحَامِدِ مَمْلُوكَةٌ أَوْ مُسْتَحَقَّةٌ أَوْ ثَابِتَةٌ لِأَجْلِ اللَّهِ تَعَالَى.
(الَّذِي فَقَّهَ) أَيْ فَهَّمَ (مَنْ أَرَادَ) أَيْ اللَّهُ تَعَالَى (بِهِ خَيْرًا) هُوَ ضِدُّ الشَّرِّ (فِي الدِّينِ) مُتَعَلِّقٌ بِفَقَّهَ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ وَغَيْرِهِمَا مَرْفُوعًا «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» أَيْ يُفَهِّمْهُ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ، إمَّا بِتَصَوُّرِهَا وَالْحُكْمِ عَلَيْهَا وَإِمَّا بِاسْتِنْبَاطِهَا مِنْ أَدِلَّتِهَا كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا وُهِبَ لَهُ وَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمِلَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْعَادَةِ وَالسِّيرَةِ وَالْحِسَابِ وَالْقَهْرِ وَالْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ وَالطَّاعَةِ وَالْحَالِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْجَزَاءِ وَالرَّأْيِ وَالسِّيَاسَةِ، وَدَانَ عَصَى وَأَطَاعَ وَذَلَّ وَعَزَّ فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ.
(وَشَرَعَ) أَيْ بَيَّنَ (أَحْكَامٌ) جَمْعُ: حُكْمٍ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْقَضَاءُ
1 / 12