Kashshaf Istalahat
موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم
Investigator
د. علي دحروج
Publisher
مكتبة لبنان ناشرون - بيروت
Edition Number
الأولى - 1996م.
Genres
لم يشأ لم يفعل، فعدم الفعل لم تتعلق به المشيئة بل هو معلل بعدم المشيئة على ما ورد به الحديث المرفوع «ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن» «1» وهذا المعنى متفق عليه بين المتكلمين والحكماء، إلا أن الحكماء ذهبوا إلى أن مشيئة الفعل الذي هو الفيض والجود لازمة لذاته تعالى كلزوم العلم وسائر الصفات الكمالية له تعالى، فيستحيل الانفكاك بينهما، وإن مشيئة الترك وعدم مشيئة الفعل ممتنع. فمقدمة الشرطية الأولى وهي إن شاء واجبة الصدق عندهم ومقدمة الشرطية الثانية وهي إن لم يشأ ممتنعة الصدق، وصدق الشرطية لا يتوقف على صدق شيء من الطرفين، فكلتا الشرطيتين صادقتان.
والمتكلمون قالوا بجواز تحقق مقدم كل من الشرطيتين. فالمختار والقادر على هذا المعنى هو الذي إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل.
والثاني صحة الفعل والترك. فالمختار والقادر هو الذي يصح منه الفعل والترك. وقد يفسران بالذي إن شاء فعل وإن شاء ترك. وهذا المعنى مما اختلف فيه المتكلمون والحكماء فنفاه الحكماء، لاعتقادهم أن إيجاده تعالى العالم على النظام من لوازم ذاته فيمتنع خلوه عنه، وزعموا أن هذا هو الكلام التام، ولم يتنبهوا على أن هذا نقصان تام، فإن كمال السلطنة يقتضي أن يكون الواجب قبل كل شيء وبعده كما لا يخفى على العاقل المنصف، وأثبته المتكلمون كلهم وهو الحق الحقيق اللائق بشأنه تعالى لأن حقيقة الاختيار هو هذا المعنى الثاني، لأن الواقع بالإرادة والاختيار ما يصح وجوده وعدمه بالنظر إلى ذات الفاعل. هكذا يستفاد من شرح المواقف وبعض حواشيه ومما ذكره الصادق الحلواني «2» في حاشية الطيبي «3».
وقال مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف في بحث امتناع استناد القديم إلى الواجب:
اعلم أن الإيجاب على أربعة أنحاء. الأول وجوب الصدور نظرا إلى ذات الفاعل من حيث هي مع قطع النظر عن إرادة الفاعل وغاية الفعل، وهو ليس محل الخلاف لاتفاق الكل على ثبوت الاختيار الذي هو مقابله لله تعالى، بل هو عند الحكماء غير متصور في حقه تعالى، فإنه لا يمكن النظر إلى شيء وقطع النظر عما هو عينه. والثاني وجوب الصدور نظرا إلى ذات الفاعل بأن يكون الإرادة والغاية عين الفاعل.
وبعبارة أخرى وجوب الصدور نظرا إلى ذات الفاعل مع قطع النظر عن الخارج وهذا محل الخلاف بين الحكماء والمتكلمين. فالحكماء ذهبوا إلى هذا الإيجاب في حقه تعالى وزعموا أنه تعالى يوجد العالم بإرادته التي هي عينه، وذاته تعالى غاية لوجود العالم بل علة تامة له.
والمتكلمون ذهبوا إلى الاختيار المقابل لهذا الإيجاب وقالوا إنه تعالى أوجد العالم بالإرادة الزائدة عليه لا لغرض، أو بالإرادة التي هي عينه لغرض هو خارج عنه. والثالث وجوب الصدور نظرا إلى إرادة الفاعل والمصلحة المترتبة على الفعل، وهذا محل الخلاف بين الأشاعرة والمعتزلة. فالأشاعرة قالوا بالاختيار المقابل لهذا الإيجاب حيث لم يقولوا بوجود الأصلح وجوزوا الترجيح بلا مرجح، والمعتزلة
Page 120