الواضحة، وبينته اللائحة، وحجته الصادعة، ورحمته الجامعة، ونعمته الواسعة، ونقمته الوازعة، قد شهدت بدر بمقامه، وكانت حنين من بعض أيامه، وسل أحدا عن فعل قناته وحسامه، ويوم خيبر إذ فتح الله على يديه، والخندق إذ خر عمرو لفمه ويديه.
وهذه جمل لها تفصيل وبيان، ومقامات رضى بها الرحمن، ومواطن هدت الشرك وزلزلته، وحملته على حكم الصغار وأنزلته، ومواقف كان فيها جبرئيل يساعده وميكائيل يوازره ويعاضده والله يمده بعناياته والرسول يتبعه بصالح دعواته، وقلب الإسلام يرجف عليه وأمداد التأييد تصل إليه.
نقلت من مسند أحمد بن حنبل عن هبيرة قال: خطبنا الحسن بن علي (عليه السلام) فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم، ولم يدركه الآخرون بعمل، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبعثه بالراية، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله، لا ينصرف حتى يفتح له.
ومن حديث آخر من المسند بمعناه وفي آخره: وما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله.
وفي رواية من غير المسند إلا ثلاثمائة درهم بمعناه.
ونقل الواحدي في أسباب نزول قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة [1]: إن مولاة لعمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف قدمت من مكة إلى المدينة ورسول الله يتجهز لقصد فتح مكة، فلما حضرت عنده قال: أجئت مسلمة؟ قالت: لا، قال: فما جاء بك؟ قالت: أنتم الأهل والعشيرة والموالي وقد احتجت حاجة عظيمة، فحث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على صلتها وكسوتها فأعطوها وكسوها وانصرفت، فنزل جبرئيل فأخبره أن حاطب بن أبي بلتعة قد كتب إلى أهل مكة يحذرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنه دفع الكتاب إلى المذكورة وأعطاها عشرة دنانير لتوصل الكتاب إلى أهل مكة، فاختار عليا وبعث معه الزبير والمقداد وقال:
انطلقوا إلى روضة خاخ [2] فإن بها ظعينة ومعها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه
Page 186