فقصه، قال الخياط: أحوصه [1] يا أمير المؤمنين؟ قال: لا، ومشى والدرة على كتفه وهو يقول: شرعك [2] ما بلغك المحل، شرعك ما بلغك المحل.
قال ابن طلحة: حقيقة العبادة هي الطاعة، وكل من أطاع الله بامتثال الأوامر واجتناب النواهي فهو عابد، ولما كانت متعلقات الأوامر الصادرة من الله تعالى على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) متنوعة كانت العبادة متنوعة فمنها الصلاة، ومنها الصدقة، ومنها الصيام إلى غيرها من الأنواع، وفي كل ذلك كان علي (عليه السلام) غاية لا تدرك، وكان متحليا بها، مقبلا عليها حتى أدرك بمسارعته إلى طاعة الله ورسوله ما فات غيره، وقصر عنه سواه، فإنه جمع بين الصلاة والصدقة، فتصدق وهو راكع في صلاته، فجمع بينهما في وقت واحد، فأنزل الله تعالى فيه قرآنا تتلى آياته وتجلى بيناته.
قال أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي في تفسيره يرفعه بسنده قال: بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ أقبل رجل متعمم بعمامة، فجعل ابن عباس لا يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا قال الرجل: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال ابن عباس: سألتك بالله من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه وقال: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهاتين وإلا فصمتا، ورأيته بهاتين وإلا فعميتا، يقول عن علي: إنه قائد البررة وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، أما إني صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما من الأيام الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم اشهد إني سألت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يعطني أحد شيئا، وكان علي في الصلاة راكعا فأومى إليه بخنصره اليمنى، وكان متختما فيها، فأقبل السائل فأخذ الخاتم من خنصره وذلك بمرأى من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يصلي، فلما فرغ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إن أخي موسى (عليه السلام) سألك فقال: رب اشرح لي صدري. ويسر لي أمري. واحلل عقدة من لساني. يفقهوا قولي. واجعل لي وزيرا من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري
Page 174