Kanisat Antakiya
كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى (الجزء الأول): ٣٤–٦٣٤م
Genres
ولم يقتصر نشاط هذه القوة الدينية الفلسفية على سورية ومصر، ولكنه انساب نحو الشمال حتى شاطئ البحر الأسود، فقام في سينوب في هذا القرن الذي نحن بصدده ابن أسقف مسيحي يعظ ويبشر بمسيحية غنوسية، ويعمل لها بكل ما أوتي من مقدرة ونشاط؛ والإشارة هنا إلى مرقيون
Marcion
ابن أسقف سينوب الذي نزع إلى الدين والفلسفة بعد أن أثرى في التجارة البحرية، وقال مرقيون بغنوسية مسيحية، فغضب عليه والده وقطعه من شركة الكنيسة،
21
فخرج من سينوب وطاف آسية الصغرى مبشرا باستحالة التوفيق بين التوراة والإنجيل، موجبا التخير بين محبة المسيح التي لا نهاية لها وصلاحه السامي، وبين عدالة إله إسرائيل القاسية، مبينا أن إله اليهود إله الخليقة والناموس لا يمكن أن يكون هو نفسه إله الرحمة، بل دونه مرتبة، «والمخلص» في نظره كان مظهرا من مظاهر الإله الحقيقي الصالح، وقد خلص البشر بإظهاره حقيقة الإله الصالح، الذي جاء من عنده وبالصلب. ولما لم يكن له أي صلة بإله الخليقة؛ فإنه لم يكن بشرا ولم يولد ولم ينم، ولكن شبه لهم في كنيس كفر ناحوم أولا في السنة الخامسة عشرة لحكم طيباريوس قيصر، ثم في سائر الجليل واليهودية والسامرة.
22
وقال مرقيون بخلاص البعض لا الكل، وأوجب الزهد الشديد في المأكل والمشرب، ونهى عن الزواج، وسمح بمعمودية المتزوجين بعد موافقتهم على الافتراق.
ولم يلجأ مرقيون إلى النبوات ليؤيد صحة مذهبه، ولم يحاول أن يربط عقيدته بنصوص التوراة، ولم يعتمد سوى رسائل بولس وإنجيل لوقا، وقال بأن الرسل الأطهار لم يفهموا الإنجيل فهما تاما؛ لأنهم اعتبروا المسيح رسول الإله الخالق، فاصطفى يسوع بولس ليصحح التعاليم. وقال عما جاء في رسائل بولس من إشارات إلى الإله الخالق أنها دست دسا، ومن هنا قول ترتليانوس إن مرقيون قرض الأناجيل فاستحق اللقب «جرذ البونط»، وأضاف أتباعه فيما بعد إلى إنجيل لوقا ورسائل بولس العشر رسالة مرقيون في التناقض بين التوراة والإنجيل
Antitheses ، فكان لهم كتاب مقدس خاص شاع استعماله في جميع كنائسهم.
23
Unknown page