Juhud Qabbani Masrahiyya Fi Misr
جهود القباني المسرحية في مصر
Genres
عزيزي القارئ، بين يديك الآن كتاب تضافرت مجموعة من العوامل لإظهاره بالصورة المرضية التي خرج عليها؛ ففي أبريل 2008، في أثناء مهرجان الكويت المسرحي المحلي الثامن، تقابلت مع الزميل العزيز «الدكتور عجاج سليم»، مدير المسارح والموسيقى، مدير مهرجان دمشق المسرحي، وفي أثناء نقاشنا علمت بأن الشقيقة سورية بصدد الاحتفال - في مهرجان دمشق المسرحي القادم، في دورته الرابعة عشرة - بالرائد المسرحي السوري أحمد أبي خليل القباني، ضمن الاحتفال بدمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008م، وقد دعاني مشكورا للاشتراك في هذا الاحتفال بعمل علمي.
اعتقدت في بادئ الأمر أنني لن أستطيع أن أضيف جديدا إلى حياة القباني ومسرحه، متأثرا بما كتب سابقا عن هذا الرائد بأيدي زملاء أجلاء، فقررت أن أقدم اقتراحا بعمل كتاب توثيقي عن «جهود القباني المسرحية في مصر» من خلال ثلاثة أقسام؛ الأول: دراسة توثيقية تبين دور القباني ومسرحه في مصر، وأثر فنه في إثراء الحركة المسرحية المصرية. الثاني: تجميع معظم ما نشر عن القباني في الصحف المصرية منذ قدومه وحتى احتراق مسرحه، ليكون توثيقا معايشا لنشاط القباني في مصر. الثالث: نشر مجموعة من مسرحيات القباني المطبوعة في مصر منذ عام 1900م، بحيث يكون نشرها بالصورة التراثية نفسها التي طبعت بها أول مرة عن طريق التصوير الإلكتروني بوصفها طبعات نادرة.
كتبت هذا الاقتراح في طلب رسمي، وبعد فترة قصيرة علمت من الزميل الدكتور عجاج سليم بأن «سعادة الأديب وزير الثقافة، الدكتور رياض نعسان أغا» قد وافق على مشروع الكتاب. وشاء القدر أن تأتي هذه الموافقة مع بدء العطلة الصيفية في الجامعات، فنذرت كل وقتي لإنهاء الكتاب قبل موعد الاحتفال بوقت يسمح بطباعته؛ حيث خصصت أكثر من عشر ساعات يوميا للعمل الدءوب، بين الكتابة التوثيقية الخاصة بالقسم الأول، والاطلاع على الصحف المصرية الخاصة بالقسم الثاني، وتصوير النصوص الخاصة بالقسم الأخير إلكترونيا.
أنهيت الكتاب بالصورة التي جاءت في الاقتراح قبل انتهاء العطلة بوقت قصير، وقبل أسبوع من تسليمه التقيت بالزميل الكريم «الأديب أحمد حسين الطماوي»، ودار نقاش علمي بيننا حول هذا الكتاب بعد اطلاعه - من خلال النقاش الشفهي - على فحواه، وباعتباره القارئ الأول لجميع كتاباتي منذ عام 1995م، وجدته يعلق على فكرة كتاب القباني وفحواه ببيت المتنبي الشهير:
ولم أر في عيوب الناس عيبا
كنقص القادرين على التمام
انتهى اللقاء بيننا، وظل معنى بيت المتنبي يطاردني ليل نهار طوال أسبوع كامل! وأخذت أسأل نفسي: ماذا في الكتاب من نقص أنا قادر على إتمامه؟ حاولت معرفة الإجابة؛ فأعدت قراءة الكتاب مرة أخرى، فوجدت القسمين الثاني والثالث لا غبار عليهما توثيقيا. إذن فالقسم الأول هو المقصود! وعندما أعدت قراءته بصورة دقيقة متأنية أيقنت بأنني كتبته تاريخيا توثيقيا، وليس نقديا تحليليا! والسر في ذلك اعتقادي الأول، بأنني لن أستطيع إضافة الجديد إلى حياة القباني ومسرحه؛ بسبب الكتابات التي كتبت عنه سابقا.
قررت أن أعيد كتابة هذا القسم بصورة نقدية تحليلية، معتمدا فيه نصوص القباني المسرحية وأقوال الصحف المصرية المعاصرة لنشاطه المسرحي، مبتعدا عن تأثير ما كتب عن القباني سابقا، إلا في أضيق الحدود، متخذا خطا نقديا فكريا ثابتا، اعتبرته منهجا للدراسة، استخلصته من تحليل نصوص كتابات القباني المسرحية، وتاريخ نشاطه المسرحي، وحددته في عنوان دراسة هذا القسم «رسالة القباني المسرحية بين النظرية والتطبيق».
خرجت من هذه الدراسة - بعد كتابتها بالنقد التحليلي - بنتائج لم أتصور الخروج بها عن حياة القباني ومسرحه! فهذه النتائج أضافت جديدا إلى حياة القباني ومسرحه، وأوضحت فكرا لم يكن معروفا، وبينت حقائق كانت مجهولة، وأثبتت موقفا كان مطموسا، وخرجت برسالة كانت مقبورة، وأشارت إلى منهج لم يكن منظورا، وحققت هدفا كان مدفونا ...! وحتى أجمع بين عنصري النقد التحليلي والتوثيقي، جعلت عنوان الدراسة هو أساس النقد التحليلي لفكر القباني المسرحي في مصر من خلال نصوصه المسرحية. أما العناوين الجانبية فهي تشير إلى مراحل التوثيق التاريخي لنشاط القباني المسرحي في مصر، من خلال ما نشر عنه في الصحف المصرية.
أما القسم الثاني من هذا الكتاب فيشتمل على الجانب التوثيقي الجامع لمعظم المقالات والأقوال والإعلانات التي نشرتها الصحف المصرية عن نشاط القباني المسرحي، منذ قدومه إلى الإسكندرية يوم 23 / 6 / 1884، وحتى احتراق مسرحه بالقاهرة يوم 18 / 5 / 1900. وهذه الصحف هي: الأخبار، والأهرام، والزمان، والقاهرة، والمؤيد، ومصر، والمقطم. حتى الآن لم أجد من كتب عن القباني معتمدا على هذه الصحف في مجملها؛ مما يعني أن القارئ سيقرأ جديدا عن القباني لم يكن يعرفه، أو سيرى فيها ما لم أره في دراستي عن حياة القباني ومسرحه.
Unknown page