Jughrafiya Siyasiyya
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
Genres
تعتمد جودة هذه الحدود البحرية على عدة شروط أهمها وجود قوة بحرية تدعم هذه الإمكانية الدفاعية الطبيعية. (3)
تتغير إمكانات الدفاع البحرية بتغير أساليب الحرب البحرية ومبتكراتها. (4)
تتغير قيمة البحار كحدود مع تغيير السياسات الاقتصادية والعلاقات الدولية التجارية . (5)
الحدود البحرية المطلة على بحار اتصال وحركة أعقد وأكثر من الحدود المطلة على بحار واسعة أقل حركة، وبذلك فإن الحدود المطلة على بحار الاتصال أضعف كحدود دفاعية من النوع الثاني من الحدود. (2-5) مواضع الحدود البحرية وفكرة المياه الإقليمية
رأينا كيف تؤثر مواقع البحار على جودة الحدود السياسية البحرية فتجعلها حدودا ذات مشكلات سياسية متداخلة أو بسيطة، والآن لنبحث في موضع خط الحدود الساحلي لتحديد النفوذ السياسي الذي تمارسه الدولة على سواحلها ومياهها الإقليمية.
برغم وجود الدول القديمة في الماضي إلا أن قلة السكان عامة، وبطء وسائل المواصلات وعدم وجود أجهزة إنذار، وكون الحدود عامة - برية وبحرية - عبارة عن مناطق انتقال وليست خطوطا فاصلة واضحة، فإن الحدود السياسية البحرية القديمة كانت في الغالب حدودا مفتوحة أمام الغزوات البحرية المفاجئة وأمام غزوات القراصنة، ولهذا كانت وسيلة الدفاع الأولى هي ترك «شقة حرام»، بمعنى ترك أراض مقفرة بين خط الساحل والمدن والعمران في الداخل كي تصبح تلك الأراضي عاملا من عوامل إنذار السكان، ولتمكنهم من التجمع للدفاع ضد الغزوة المفاجئة، وهذه هي نفس الخطة التي لجأ إليها الناس في تخطيط حدودهم البرية، ولهذا نجد أن المدن التجارية والبحرية لم تكن تبنى على الشواطئ مباشرة إلا حيث تسمح الظروف الدفاعية، فروما كانت تقع على بعد 20 كم من الساحل، وأثينا على مبعدة ثمانية كيلومترات، وطروادة على بعد خمسة كيلومترات من معبر الدردنيل الهام، وعلى عكس ذلك كانت صور وقرطاجة والإسكندرية وفينسيا التي كانت كل منها تتحصن وراء جزيرة قلعة، أو شبه جزيرة تحميها قلاع من الداخل والخارج، وبذلك كانت على ساحل البحر مباشرة.
ومع نمو الأساطيل البحرية السريعة ووسائل الإنذار والمواصلات الجيدة لم تعد الحاجة قائمة إلى إنشاء شقة حرام، خاصة أن ذلك يعوق التجارة البحرية، وكما تقدمت الحدود البرية عبر النطاقات الحدية الانتقالية إلى تشكيل خط سياسي واضح متفق عليه، تقدمت الحدود السياسية البحرية إلى عبر خط الساحل، وأصبحت هناك حدود سياسية تجري على مسطح الماء، واعتبرت المياه بين الحدود والساحل مياها إقليمية تمارس فيها الدولة سيادتها كما تفعل على اليابس.
وتاريخ المياه الإقليمية وتطورها كفكرة تطبيقية في الحدود السياسية طويل ومعقد وغير متفق عليه من كافة الدول، وتبدأ هذه الأفكار منذ القرن الثالث عشر حينما أصدرت النرويج أمرا بمنع السفن من دخول مياه النرويج شمال ميناء برجن إلا بعد الحصول على تصريح ملكي، وكانت دوقية فينسيا تعتبر الأدرياتيك مياها إقليمية تابعة لها، وفي فترة الكشوف ادعت إسبانيا والبرتغال ملكية مياه المحيطات.
وعلى عكس هذه الادعاءات الواسعة أخذت الدول تنظر إلى المياه التي تحف بسواحلها على أنها مناطق سيادة للدولة، وظهرت آراء في أول عام 17ق.م تقول إنه لا يمكن اعتبار المسطحات البحرية ملكا لأحد إلا في حالات الخلجان والمضايق، وفي القرن الثامن عشر ظهر رأي آخر يقول إن الادعاءات على المياه الساحلية لا يمكن تدعيمها إلا بإنشاء سلسلة من الحصون تحمي سيادة الدولة، وبذلك ظهرت فكرة تخطيط حدود المياه الإقليمية على أساس مدى قذيفة المدفع، وعلى عكس مبدأ قذيفة المدفع ظهرت فكرة أخرى ترى وجوب تحديد نطاق أو منطقة ذات عرض محدد تمارس فيها سيادة الدولة فيما يختص بالسماكة والحياد ... إلخ من وظائف الدولة، وكانت الدانمرك أول من ينفذ هذا المبدأ فأعلنت حول شواطئها منطقة محايدة مساوية لمدى الرؤية بالعين عام 1691، بينما أعلن الإنجليز منطقة عرضها 12 ميلا مياها إقليمية 1736.
وفي 1782 أعلن قانوني إيطالي مبدأ تحديد المياه الإقليمية بعرض ثابت في كل الدول وطالب أن يكون هذا العرض ثلاثة أميال، وقد حدد هذه الأميال الثلاثة باعتبار أنها أبعد مدى ممكن لقذيفة المدفع، كما طالب أن يكون هناك نطاق محايد وراء المياه الإقليمية بعرض مساو لضعف عرض المياه الإقليمية، وفي عام 1793 أعلنت أمريكا مبدأ إنشاء نطاق محايد في المياه بعرض ثلاثة أميال فقط، وبدأت الدول تأخذ بهذا المبدأ فيما بعد، وفي الحقيقة لم يكن هناك ارتباط فعلي بين الأميال الثلاثة وطلقة المدفع؛ لأنه حتى 1814 لم يتجاوز مدى المدفع الميل إلا بقليل.
Unknown page