وأضاف قوله: إذا بلغ الطالب الصف السادس في المرحلة العليا من التعليم يقضي ثلاثة أيام في راندنج؛ وهذه الزيارة جزء من الدراسة المتقدمة في علم الاجتماع. إنهم يجعلون الطالب يرى بنفسه ما عليه العالم الخارجي.
وسأله ويل: وما رأيك في العالم الخارجي؟
وأجاب رانجا بسؤال آخر حيث قال: هل أطلعوك عندما كنت في راندنج لوبو على الأحياء الفقيرة؟ - على العكس، حاولوا جهدهم أن يخفوها عني. ولكني أفلت منهم.
وتذكر في وضوح أنه أفلت منهم وهو في طريقه عائدا إلى الفندق بعد حفلة الكوكتيل الرهيبة التي أقامتها وزارة الخارجية في راندنج. كل من له أية مكانة كان هناك. كل الأعيان وزوجاتهم؛ فكنت ترى الأزياء الرسمية والأوسمة، ومنتجات ديور والزمرد. كل الأجانب من ذوي الأهمية؛ دبلوماسيون كثيرون، ورجال البترول من بريطانيين وأمريكان، وستة أعضاء من البعثة التجارية اليابانية، وصيدلية من ليننجراد، ومهندسان من بولندا، وسائح ألماني هو - بالمصادفة - ابن عم كروب فون بوهلن، ورجل أرمني ملغز يمثل اتحادا ماليا هاما جدا في طنجة، وأربعة عشر تقنيا تشيكيا عليهم سيما الانتصار جاءوا مع شحنة الدبابات والمدافع الكبيرة والمدافع الرشاشة التي وصلت في الشهر الماضي من سكودا. وقد حدث نفسه وهو يهبط فوق درجات السلم الرخامية بوزارة الخارجية إلى ميدان الحرية قائلا: هؤلاء هم القوم الذين يحكمون العالم. إن ألفين وتسعمائة مليون منا تحت رحمة حفنة من رجال السياسة، وبضعة آلاف من أصحاب المال والقادة العسكريين والمرابين. أنتم سيانيد
5
الأرض . والسيانيد لا يفقد أبدا نكهته.
وبعد أضواء حفلة الكوكتيل، وبعد الضحكات والرائحة الزكية التي تفوح من الكانابيه
6
ومن النساء المعطرات بالشانيل، بدت تلك الأزقة التي تقع خلف قصر العدالة الجديد الحديث حالكة الظلام عالية الضوضاء. وظهر أولئك الفقراء البائسون معسكرين في «شارع الاستقلال» تحت أشجار النخيل وكأن الله والناس قد تخلوا عنهم بتاتا بدرجة أكبر من تخليهم عن تلك الألوف التي تبيت يائسة بلا مأوى، الذين شهدهم مستلقين كالجثث في طرقات كلكتا. ثم طاف بخاطره ذلك الولد الصغير، ذلك الهيكل العظمي الدقيق ذو البطن المتكور الذي التقطه وهو جريح يرتعش إثر سقوطه من ظهر فتاة صغيرة تحمله وهي لا تكاد تكبره حجما؛ التقطه وسار خلف الفتاة حتى بلغ به إلى مخزن بغير نوافذ هو بيتهما وكان يقطنه تسعة أنفس (وقد عد الرءوس المصابة بالقوباء).
7
Unknown page