وأكدت له أنها لم تقصد أن تكون فظة في كلامها. وأضافت: كل ما قصدت أني لم أقابل قط إنسانا من الخارج ليس حالة من الحالات العقلية. - ومنهم السفير؟
ووضعت السائل موضع المسئول حين قالت: وما رأيك أنت؟
وأحال ويل الأمر إلى مستر باهو وقال له: أنت خبير في هذا المجال.
وقالت الممرضة الصغيرة: سويا الأمر بينكما؛ إذ علي أن أنصرف لكي أعد طعام المريض.
وراقبها مستر باهو وهي تنصرف، ثم رفع حاجبه الأيسر وأسقط منظاره وشرع بطريقة نظامية في تنظيف العدسة بمنديله، وقال لويل: أنت منحرف بصورة ما، وأنا منحرف بصورة أخرى. أنت فصامي «ألست كذلك؟» وأنا - من الطرف الآخر في الدنيا - مصاب بجنون العظمة. وكلانا من ضحايا أوبئة القرن العشرين. وليس الوباء هذه المرة هو «الموت الأسود»، إنما هو «الموت الرمادي». وبعد لحظة من الصمت سأل صاحبه: ألم تهمك السلطة في أي وقت من الأوقات؟
وهز ويل رأسه مؤكدا وقال: مطلقا، لا يمكن للمرء أن يملك السلطة ولا يلتزم. - والفزع من الالتزام بالنسبة إليك أشد من المتعة التي تحسها في إزاحة الناس من حولك؟ - بآلاف المرات. - ولذلك لم تكن السلطة تغريك في أي وقت من الأوقات.
وقال ويل: أبدا. وبعد فترة من السكون أضاف بنغمة أخرى: دعنا نتحدث في العمل.
وردد باهو قوله: إلى العمل. اذكر لي شيئا عن اللورد ألديهايد. - إنه، كما قالت الراني، رجل كريم بشكل ملحوظ. - لا تهمني فضائله، يهمني ذكاؤه فقط. إلى أي حد هو حاد الذكاء؟ - تبلغ به حدة الذكاء أن يدرك أن المرء لا يؤدي عملا بغير مقابل.
وقال مستر باهو: حسنا. انقل له عني أن العمل الفعال الذي يقوم به الخبراء في المواضع الاستراتيجية يقتضيه أن يتأهب لكي يدفع لك على الأقل عشرة أمثال ما سوف يدفعه لك. - سوف أحرر له خطابا بهذا الشأن.
ونصحه مستر باهو «أن يفعل ذلك اليوم»، وأضاف: لأن الطائرة تغادر شيفا بورام غدا مساء، ولن يصدر بعد ذلك بريد لمدة أسبوع كامل.
Unknown page