Jawhar Insaniyya
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Genres
تعتبر الحضارة المصرية، على عكس الحضارات التي نشأت في بلاد الرافدين، أو في وادي نهر السند، أو في أمريكا الوسطى أو في بيرو، مميزة من حيث بقاؤها حية في المكان نفسه - الذي يرى كثيرون أنه أصبح العاصمة الفكرية للإسلام في عصرنا الحالي - لأكثر من 5 آلاف سنة. تقترب منها الحضارة الصينية، وكذلك المينوية إذا اعتبرنا استيعابها وزراعتها من كريت إلى البر الرئيسي لليونان من جانب الميسينيين أنه استمرار لها. (3) الهند
كان الوادي الخصب لنهر السند، على مساحة تمتد نحو 700 ميل من لاهور في الشمال الشرقي إلى كاراتشي في الجنوب الغربي، موطنا لتطورات زراعية منذ الألفية الثامنة قبل الميلاد فصاعدا. كان القمح والشعير يزرعان، وكانت الخراف والماعز تستأنس. وبعد ألف سنة أصبحت الماشية من النوع الهندي المحدب تربى من أجل توفيرها للطعام والعمل. وبحلول عام 5500 قبل الميلاد كان هؤلاء الناس، الذين يشار إليهم بالهنود، يبنون جدرانا من الطوب، ويخزنون محاصيلهم من الحبوب في مخازن مصنوعة خصوصا. كانوا يصنعون الخزف أيضا، وكانوا يستخدمون النحاس والعاج، وكان اللازورد يستخرج من نطاق جبل كفارهيه محمد، كما لا يزال يحدث حتى يومنا هذا. وبعد ثلاثة آلاف سنة بدأت مستوطنات حضرية مثل الموجودة في هارابا
9
وموهينجو دارو
10
تظهر؛ وهي مدن أنشئت وفقا لخطة تشبه الشبكة مع وجود مبان عامة ونظم صرف صحي مناسبة. اخترع سكان هذه المدن نظاما معياريا للموازين والقياسات، وصنعوا أشياء من البرونز والنحاس والعاج والطمي. كذلك مارسوا التجارة مع المجتمعات المحيطة بهم، ووسعوا روابطهم التجارية في النهاية لتصل إلى بلاد الرافدين. إلا أن اقتراح أن الحضارة الهندية هي فرع للسومرية هو غير مبرر على الأرجح؛ فإن لغتها ومعمارها، ودينها وفنها مميز، وربما يكون التشابه بين الرموز الهندية والكتابة السومرية بالصور محض مصادفة (انظر شكل
8-1 ). باختصار، نشأت الحضارة الهندية مستقلة عن الحضارات الأخرى، تماما مثل حضارة سومر ومصر وكريت، ولم تبدأ التجارة بين هذه المراكز الأربعة جميعها إلا بعدما شكلت المجتمعات المزدهرة والحياة في القرى والمدن شخصيتها المستقلة. ومثل الحضارة السومرية، لم تستمر حضارة وادي نهر السند؛ فقد بدأت في التدهور، وفي عام 1050 قبل الميلاد سقطت في أيدي المحاربين الآريين، وبعد هذا بدأت في التحلل تدريجيا. يكون الضعف الداخلي عادة تمهيدا لغزو غزاة خارجيين؛ ومثال على هذا: الفقدان التدريجي للأجزاء الغربية في الإمبراطورية الرومانية لصالح قبائل القوط والفانداليين المحاربة. لكن كما استوعبت المهارات التي ابتكرها السومريون الثقافات الشرق الأوسطية اللاحقة، استوعب كثير من إنجازات شعب السند السلالات الهندية والبوذية التي انتهت بظهور الإمبراطورية الماورية في شبه القارة الهندية في الشرق. فيمكن لمجتمع أن ينحدر إلى أسفل السلم بينما يستفيد آخر ويصعد عليه، فتتقدم الإنجازات البشرية في مجملها بثبات. (4) الصين
ربما لم يكن للروابط التجارية التي نشأت بين الحضارات الأربعة التي تحدثت عنها حتى الآن تأثير مباشر كبير على الثقافة التي ازدهرت على طول نهر هوانج هي، أو النهر الأصفر، في الصين منذ 3 آلاف سنة. وربما أسهم وصول الهنود الأوروبيين وخيولهم إلى الحدود الشمالية الغربية في هذا الوقت تقريبا ببعض العناصر،
11
ويمكن للمرء ملاحظة أوجه التشابه في النصوص القديمة (قارن بين شكل
Unknown page