Jamic Bayan
جامع البيان في تفسير القرآن
بأن تعتزوا قومي وأقعد فيكم
وأجعل مني الظن غيبا مرجما
يعني: وأجعل مني اليقين غيبا مرجما. والشواهد من أشعار العرب وكلامها على أن الظن في معنى اليقين أكثر من أن تحصى، وفيما ذكرنا لمن وفق لفهمه كفاية. ومنه قول الله جل ثناؤه:
ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها
[الكهف: 53] وبمثل الذي قلنا في ذلك جاء تفسير المفسرين. حدثني المثنى ابن إبراهيم، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: { يظنون أنهم ملقوا ربهم } قال: إن الظن ههنا يقين. وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا سفيان، عن جابر، عن مجاهد، قال: كل ظن في القرآن يقين، إني ظننت وظنوا. وحدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو داود الحفري، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: كل ظن في القرآن فهو علم. وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: { الذين يظنون أنهم ملقوا ربهم } أما يظنون فيستيقنون. وحدثني القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج: { الذين يظنون أنهم ملقوا ربهم } علموا أنهم ملاقوا ربهم، هي كقوله:
إني ظننت أني ملاق حسابيه
[الحاقه: 20] يقول علمت. وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { الذين يظنون أنهم ملقوا ربهم } قال: لأنهم لم يعاينوا، فكان ظنهم يقينا، وليس ظنا في شك. وقرأ:
إني ظننت أني ملاق حسابيه
[الحاقه: 20] القول في تأويل قوله تعالى: { أنهم ملقوا ربهم }. قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف قيل إنهم ملاقوا ربهم فأضيف الملاقون إلى الرب جل ثناؤه وقد علمت أن معناه: الذين يظنون أنهم يلقون ربهم؟ وإذا كان المعنى كذلك، فمن كلام العرب ترك الإضافة وإثبات النون، وإنما تسقط النون وتضيف في الأسماء المبنية من الأفعال إذا كانت بمعنى فعل، فأما إذا كانت بمعنى يفعل وفاعل، فشأنها إثبات النون، وترك الإضافة قيل: لا تدافع بين جميع أهل المعرفة بلغات العرب وألسنها في إجازة إضافة الاسم المبني من فعل ويفعل، وإسقاط النون وهو بمعنى يفعل وفاعل، أعني بمعنى الاستقبال وحال الفعل ولما ينقض، فلا وجه لمسألة السائل عن ذلك: لم قيل؟ وإنما اختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله أضيف وأسقطت النون.
فقال نحويو البصرة: أسقطت النون من: { ملقوا ربهم } وما أشبهه من الأفعال التي في لفظ الأسماء وهي في معنى يفعل وفي معنى ما لم ينقض استثقالا لها، وهي مرادة كما قال جل ثناؤه:
Unknown page