قالت ريبيكا: «ولمن، إن كان هذا مصيري، لمن أدين بهذا؟ بالطبع لا أدين إلا له، الذي جاء بي إلى هنا لسبب شديد الأنانية والقسوة، والذي هو الآن لغرض في نفسه غير معلوم يكافح ليبالغ في هذا المصير التعس الذي ساقني إليه.»
قال فارس الهيكل: «لا تظني أنني سقتك إلى هذا المصير، بل إنني كنت أود أن أحميك بصدري من هذا الخطر عن طيب خاطر، كما عرضته من قبل للسهام، ولولاه لأنهت حياتك.»
قالت اليهودية: «ما غرضك إذن، أيها السيد الفارس؟ تكلم بإيجاز. إن كان لديك ما تفعله، باستثناء أن تشهد البؤس الذي تسببت لي فيه، فلتخبرني به، ثم أرجوك أن تتركني وشأني. إن الخطوة بين الزمن المحدود والحياة الأبدية قصيرة، ولكنها مروعة، وليس متبقيا لي سوى بضع لحظات لأعد نفسي لها.»
قال بوا جيلبرت: «أرى، يا ريبيكا، أنك تواصلين تحميلي مسئولية ما أنت فيه من كرب، وقد كنت شديد الرغبة في منع وقوعه. أكان يمكنني تخمين الوصول غير المتوقع لذلك الشخص الخرف، الذي ارتقت به، في الوقت الحالي، بعض ومضات الشجاعة المجنونة، والثناء الذي أولاه إياه الحمقى، فوق المئات من طائفتنا الذين يفكرون ويشعرون كرجال متحررين من التحيزات السخيفة والحمقاء؟»
قالت ريبيكا: «ومع ذلك فقد دفعت بي إلى المحاكمة، وأنت تعرف أنني بريئة، شديدة البراءة. لقد شاركت في إدانتي، وإن كان ما أفهمه صحيحا فتظهر بنفسك مسلحا للتأكيد على تهمتي وضمان عقابي.»
رد فارس الهيكل: «فلتتحلي بالصبر، أيتها الفتاة. لا يعلم قوم كقومك كيف يسلمون أمرهم للوقت؛ ومن ثم كيف يميلون بأشرعتهم للاستفادة حتى من الرياح المعاكسة.»
قالت ريبيكا: «تعسا لتلك الساعة التي تعلم فيها بنو إسرائيل هذا المسلك! إنها لعنتنا، أيها السيد الفارس، ونحن نستحقها، بلا شك، بأفعالنا الآثمة وبأفعال آبائنا، ولكن ماذا عنك أنت؟ أنت الذي تتفاخر بحريتك كحق اكتسبته منذ مولدك، كم يكون خزيك أشد عندما تنحني لتسترضي أحكام الآخرين المسبقة التي تخالف اعتقادك الشخصي؟»
قال بوا جيلبرت، وهو يذرع الغرفة في نفاد صبر: «إن كلماتك تفيض مرارة، ولكني لم آت إلى هنا لأبادلك اللوم. ولتعلمي أن بوا جيلبرت لا يخضع لمخلوق، ولكن قد تدفعه الظروف إلى تغيير خطته لبعض الوقت. تلك اللفيفة التي نبهتك إلى أن تطلبي نصيرا، ممن تظنين أنها أتت إن لم يكن من بوا جيلبرت؟»
قالت ريبيكا: «إرجاء قصير للموت العاجل، لن يجديني نفعا إلا قليلا. أكان هذا كل ما استطعت فعله لمن جلبتها بالقرب من حافة القبر؟»
قال بوا جيلبرت: «لا أيتها الفتاة، لم يكن هذا كل ما نويت فعله؛ فلولا التدخل الملعون من ذلك الأخرق المتعصب ومن الأحمق جودالريك، لما وكلت إلي مهمة البطل المدافع، ولما وكلت إلى أحد كبار المقار، بل لأحد المحاربين في الطائفة، ثم كنت - كما كانت نيتي - سأظهر، فور النفخ في البوق، في الحلبة على هيئة نصيرك، متنكرا في الواقع في زي فارس متجول، يسعى للمغامرات ليثبت مهارته في القتال بالدرع والرمح. وبعد ذلك، ليختر بومانوار ليس شخصا واحدا، بل شخصين أو ثلاثة من الإخوة المجتمعين هنا، ولم يكن لدي شك في أنني سأطيح بهم برمحي وحده من فوق سروجهم؛ وبذلك، يا ريبيكا، كانت ستتأكد براءتك، وكنت سأترك لعرفانك بالجميل مكافأتي على نصري.»
Unknown page