Ittihad Urubbi Muqaddima Qasira
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
Genres
بعد أن انتهى الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة تخفيض الانبعاثات العالمية بنسبة 60 في المائة بحلول منتصف القرن، وتبنى ذلك المستهدف لانبعاثاته، نجد أنه له مصلحة قوية في الحصول على التزامات مماثلة من أكبر عدد ممكن من الدول. وعلى الرغم من توقف إحراز تقدم على هذه الجبهة منذ قمة كوبنهاجن عام 2009، يظل الاتحاد في صدارة الجهود الدولية. (6) دور الاتحاد في العالم
السطوة الأمريكية الزائدة عما ينبغي خطر على الأمريكيين وعلى غيرهم سواء بسواء؛ فالقوة الساحقة قد تؤدي إلى صدور قرارات متعجلة، والعبء أكبر من أن يتحمله بلد بمفرده. ومن المتوقع أن الصين ستلحق بالولايات المتحدة خلال النصف الأول من هذا القرن كقوة عسكرية، وأيضا اقتصادية، ولا يمكن التنبؤ بعواقب ذلك، ومن الجائز تماما أن تليها الهند. لكن الاتحاد الأوروبي لديه الإمكانية التي تجعله، بشكل أسرع من هاتين بكثير، على الأقل شريكا مساويا للولايات المتحدة فيما يتعلق بالاقتصاد والبيئة والأمن الناعم، لكن ليس الدفاع.
والحقيقة أن وقوف الاتحاد الأوروبي منذ زمن طويل على قدم المساواة مع الولايات المتحدة في النظام التجاري العالمي برهن على ما يمكن عمله عندما تتولى مؤسسات فاعلة التصرف في أداة مشتركة. ويوفر اليورو أساسا لأداء مماثل في النظام النقدي الدولي، إن أصلحت مؤسسات السياسة النقدية الخارجية إصلاحا كافيا. وفيما يخص العمل حيال تغير المناخ العالمي، ينبغي أن يكون الاتحاد قادرا - مرة أخرى ببعض التعزيز لمؤسساته - على الحفاظ على دوره القيادي. أما الأمن الناعم، بما فيه الجوانب المدنية لحفظ السلام، فهو ميدان يعكف الاتحاد فيه على تطوير قدرة يمكن أن تصبح نظيرا جوهريا للقوة العسكرية الأمريكية، كما أن الأدوات العسكرية التي ينشئها الاتحاد الأوروبي تتيح أيضا فرصا لأداء دور مكمل.
شكل : قمة مجموعة البلدان الثمانية المنعقدة في كامب ديفيد في مايو 2012، ويرى رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي (جالسا إلى يسار أنجيلا ميركل) ورئيس المفوضية خوسيه مانويل باروسو (إلى يسار فان رومبوي).
يصعب دائما على من كانوا في القمة أن يتكيفوا مع مثل هذه التغيرات في علاقات القوة، لكن ينبغي ألا يصعب أكثر مما ينبغي على الأمريكيين أن يتكيفوا مع اتحاد أوروبي أكثر قوة، ومجتمع يشترك معهم في الكثير النواحي، في ظل أربعة عقود من التعاون الرشيد في مجال التجارة الذي يملك فيه كلاهما بالفعل قوة متكافئة، وفي ظل عدم وجود منافسة محتملة في ميدان القوة العسكرية. وبعد أن تكيفت الولايات المتحدة مع قيام شراكة متساوية بينها وبين الاتحاد الأوروبي في معظم الميادين الأخرى، ينبغي أن يكون تكيفها مع التغيرات في العلاقات مع القوى الصاعدة أسهل، ولا سيما عندما سيصبح الاتحاد الأوروبي في وضع جيد - بشبكة علاقاته مع البلدان حول العالم - لدفع عجلة عملية إنشاء نظام عالمي مستقر يستوعبها جميعا.
إن خبرة الاتحاد بالمؤسسات والسياسات والمواقف التي ساعدت الدول الأعضاء على العيش معا في سلام لنصف قرن، إضافة إلى شبكته العالمية من العلاقات، ينبغي بحق أن تمكنه من التأثير على الآخرين للمضي في اتجاه مماثل، لكن فكرة مونيه القائلة بأن مثل هذه المؤسسات ربما تفيد في إيجاد عالم مزدهر ومسالم لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل ظروف دقيقة تماما. فالتقاسم الضروري للسيادة أمر لا يتسنى إلا بين ديمقراطيات تعددية لديها الاستعداد لقبول سيادة قانون مشتركة، ولديها قدرة على إنشاء مؤسسات تشريعية مشتركة لتفعيل هذه السيادة، ونظام حكم لتنفيذ السياسات في إطارها. تنطبق هذه الشروط داخل الاتحاد إلى حد كبير، لكنها لا تنطبق على أجزاء كثيرة من العالم. في الوقت نفسه، يستطيع الاتحاد المساعدة في جهود إيجاد مثل هذه الظروف في الأماكن التي لا توجد فيها بعد، والاضطلاع بتطويرات على غرار التي نفذها داخله في الأماكن التي توجد فيها. كما يستطيع مساندة الخطوات المتخذة لمساعدة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى كي تكون أكثر فاعلية، مدركا في الوقت نفسه عدم إمكانية إنشاء مؤسسات على غرار مؤسسات الاتحاد على ذلك المستوى، إلا بعد أن تصبح الديمقراطية التعددية هي القاعدة في شتى بقاع العالم. لكن سياسات الاتحاد التي تشير في اتجاه مثل هذه المحصلة تصب في المصلحة طويلة الأمد لدوله ولمواطنيه، وحتى إن كان هذا يتطلب جدولا زمنيا طويلا جدا، فقد أثبتت التجربة الأوروبية أن استهلال عملية تقود في ذلك الاتجاه يمكن أن يبدأ بسرعة في إحداث تحول في العلاقات بين الدول.
الفصل الحادي عشر
الكثير من الإنجازات ... لكن ماذا بعد ؟
قطع الاتحاد شوطا بعيدا منذ انطلقت عملية إقامته بإعلان شومان عام 1950؛ إذ صارت الحرب فعلا أمرا غير وارد بين الدول الأعضاء، التي تشمل الآن معظم البلدان الأوروبية. وقد بينا في الفصول السابقة كيف استحدثت المؤسسات والصلاحيات والسياسات للتعامل مع مسائل خارج متناول حكومات الدول منفردة، كما بينا أيضا حاجة الاتحاد إلى مزيد من الإصلاح إذا أراد أن يرتقي بمصالح شعبه كما ينبغي في عالم متزايد التعقيد. والآن يمكننا أن نحاول إيجاز ما أنجز، وطرح بعض الخواطر بشأن المستقبل.
هل تتواءم الصلاحيات والأدوات مع الأهداف؟
Unknown page