Ittihad Urubbi Muqaddima Qasira
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
Genres
بعد أن برهن البرلمان على صلاحياته لتعيين المفوضية وإقالتها، فإنه في وضع جيد يؤهله لأن يوضح للناخبين قدرته على استخدام نفوذه مستقبلا لضمان تعيين مرشح لرئاسة المفوضية يعكس نتائج الانتخابات الأوروبية. وهناك من قال إن البرلمان لو التزم بفعل ذلك؛ فمن شأنه زيادة اهتمام الناخبين بالانتخابات، ومن ثم تعزيز الديمقراطية النيابية في الاتحاد.
يتقاسم البرلمان السلطة بالتساوي مع المجلس فيما يخص غالبية التشريعات وكامل الميزانية، وقد أثبت أنه أقدر من المجلس على الرقابة على المفوضية؛ لذا يمكننا قول إن البرلمان قطع أكثر من نصف الشوط نحو ممارسة وظائف سن التشريعات، والرقابة على السلطة التنفيذية التي يؤديها مجلس المواطنين في أي هيئة تشريعية فيدرالية. أما المجلس فهو أشبه بمجلس ولايات فيما عدا أن إجراء الموافقة بالإجماع ما زال يسري على بعض التشريعات، وأن جلساته التشريعية هي فقط التي تعقد علانية، وأنه يحتفظ بصلاحيات تنفيذية لا تنسجم مع دوره التشريعي. (3) المفوضية الأوروبية
في حين أن المفوضية، بالوضع الذي هي عليه اليوم، ليست السلطة التنفيذية الفيدرالية التي تصورها مونيه، فإنها في ظل حقها في «المبادرة التشريعية» ووظائفها في تنفيذ سياسات الاتحاد، وبوصفها «رقيبا على المعاهدة»، غدت أكبر كثيرا من مجرد أمانة لمنظمة دولية.
أعطت معاهدة روما المفوضية الحق الرئيس في المبادرة التشريعية، بمعنى أن تقترح مشروعات القوانين على البرلمان والمجلس. كان الهدف من ذلك ضمان استناد القوانين بدرجة أكبر إلى رؤية للمصلحة العامة للجماعة ومواطنيها، مقارنة بما سينشأ عن أي مبادرات من حكومات الدول الأعضاء، وأن تكون هناك درجة أكبر من التماسك في البرنامج التشريعي مقارنة بما يمكن لهذه الدول أو المجالس بمختلف مسئولياتها الوظيفية توفيره. وكثيرا ما كانت المفوضية تسمى في أيامها الأولى «محرك الجماعة» بفضل تسلحها بهذه الصلاحية. وبعد أن أضعفها هجوم ديجول عليها في الستينيات، رجحت كفة ميزان القوة في مصلحة المجلس، وكذلك المجلس الأوروبي منذ تأسيسه عام 1974، لكن المفوضية ما زالت تؤدي الدور الأساسي المتمثل في اقتراح تدابير معينة كي يقررها المجلس والبرلمان، واقتراح حزم السياسات العامة في المجلس الأوروبي. ومن الأمثلة البارزة على هذا الجزء الأخير «حزمة ديلور» لإصلاح الميزانية عام 1992، وإصلاحات سياسات الجماعة في إطار «جدول أعمال 2000» استعدادا للتوسع شرقا الذي ووفق عليه عام 1999.
أطلق على المفوضية أيضا اسم «الرقيب»؛ لأنها تسهر على ضمان تطبيق معاهدة الاتحاد وقوانينه، وبالأخص من قبل الدول الأعضاء، فإذا وجدت شواهد على أي خرق، فعليها إصدار «رأي مسبب» إلى الدولة المعنية، فإذا لم تمتثل الدولة، تستطيع المفوضية مقاضاتها في محكمة العدل، وهو ما حدث عام 1999، عندما رفضت الحكومة الفرنسية قبول قرار المفوضية بأن لحم البقر البريطاني كان آنذاك آمنا لأكله، وينبغي السماح باستيراده، فحكمت المحكمة لصالح المملكة المتحدة في أواخر 2001، على الرغم من أن الدول الأعضاء الأخرى لم توافق على رفع القيود إلا في 2006، وفرضت المفوضية على فرنسا غرامات تجاوزت 10 ملايين يورو. كما تتولى المفوضية مسئولية تنفيذ قوانين الاتحاد وسياسته، وإن كان جل هذه المسئولية موكلا إلى حكومات الدول الأعضاء وأجهزة أخرى.
لضمان أن تعمل المفوضية تحقيقا للصالح العام للاتحاد، تشترط المعاهدة أن يكون استقلالها عن أي مصالح خارجية «لا يرقى إليه شك»، ويجب على المفوضين عند توليهم مناصبهم أن يقطعوا على أنفسهم «عهدا مغلظا» بهذا المعنى. وعلى الرغم من أن المعاهدة تنص على ترشيحهم «بالتوافق العام» بين الحكومات، فقد دأبت كل حكومة - فيما سبق - على ترشيح مفوضها أو مفوضيها، وقبلت الأخريات بهذا، لكن هذا لم يعد من المسلمات؛ لأنه تشترط الآن أيضا موافقة رئيس المفوضية المعين حديثا قبل إقرار البرلمان المفوضية ككل.
حتى 2005 كان هناك مفوضان من كل دولة كبيرة، ومفوض واحد من كل دولة صغيرة، لكن التوسع الوشيك أثار شاغلا بشأن تدني فاعلية المفوضية بسبب كبر حجمها؛ لذا حددت معاهدة نيس عدد المفوضين اعتبارا من 2005 بمفوض واحد من كل دولة عضو. وقوبلت مقترحات إدخال المزيد من التخفيض على العدد بمعارضة شديدة من الدول الصغيرة، وأسفر الرفض الأولي لمعاهدة لشبونة من قبل الناخبين الأيرلنديين سنة 2008 عن اتفاق على بقاء النظام الحالي.
إن تقليص عدد المفوضين إلى أقل من واحد لكل دولة ليس بأي حال السبيل الوحيد لضمان الفاعلية؛ فهناك حكومات رفيعة المستوى كالحكومة البريطانية تضم عادة أكثر من 20 عضوا، وفي بعض الأحيان أكثر من 30. وقد نجح هذا العدد لأن هناك رئيس وزراء يملك سلطة السيطرة على الأعضاء الآخرين. وقد قطعت المعاهدات منذ معاهدة أمستردام بالمفوضية شوطا ما في ذلك الاتجاه، بإعطاء الرئيس ليس صلاحية المشاركة في قرارات ترشيح المفوضين الآخرين فحسب، بل أيضا ممارسة «الإرشاد السياسي» على المفوضين، وتخصيص مسئولياتهم و«إعادة توزيعها»، وتعيين نواب الرئيس، وإقالة مفوض «بعد الحصول على موافقة المفوضية الجماعية»، كما ساعد وجود الممثل السامي للاتحاد لشئون السياسة الخارجية بوصفه نائب رئيس منذ لشبونة على توفير إدارة لتنسيق السياسات، على الصعيدين الداخلي والخارجي على السواء.
شكل : الاجتماع الأول للمفوضية برئاسة خوسيه مانويل باروسو، 2004.
بلغة المعاهدات، المقصود بالمفوضية هيئة المفوضين بأكملها. أما باللغة الدارجة، فيشير هذا القول أيضا إلى موظفي المفوضية، لكن عادة ما يكون واضحا إن كان المقصود بالإشارة هم المفوضين أم الخمسة والعشرين ألف موظف. وعلى الرغم من كثرة الحديث عن تضخم الجهاز البيروقراطي للمفوضية، فإن هذا العدد أقل من عدد موظفي سلطات محلية كثيرة.
Unknown page