Issues Related to the Jurisprudence of Fasting, Tarawih, and Recitation for the Dead
مسائل مهمات تتعلق بفقه الصوم والتراويح والقراءة على الأموات
Genres
مسائل مهمات
تتعلق
بفقه الصوم والتراويح والقراءة على الأموات
تأليف
د. حسام الدين عفانة
الأستاذ المشارك في الفقه والأصول
كلية الدعوة وأصول الدين
جامعة القدس
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﷺ وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
فبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك نقدم لإخواننا المسلمين هذه الرسالة المتعلقة ببعض أحكام الصيام وصلاة التراويح وقراءة القرآن وصدقة الفطر والعيد وغيرها من المسائل التي يحتاج إليها الناس.
ونسأل الله ﷾ أن ينفعنا بما علّمنا وأن يفقّهنا في الدين إنه سميع قريب.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين.
٢ رمضان ١٤١٩ ... د. حسام الدين عفانه
وفق ٢٠/ ١٢/١٩٩٨ ... الأستاذ المشارك في الفقه والأصول
كلية الدعوة وأصول الدين
جامعة القدس
Unknown page
تفرق المسلمين في رؤية الهلال
يقول السائل: ما قولكم في رؤية أهل بلد الهلال، فهل يلزم المسلمين في البلدان الأخرى الصوم؟
الجواب: إن هذه المسألة محل اختلاف بين أهل العلم قديمًا وحديثًا، وكثر الحديث عنها في هذه الديار وخاصة في أعقاب ما حصل في نهاية رمضان من العام ١٤١٣هـ حيث حصلت بلبله بين الناس في اليوم الأخير من رمضان وفي يوم العيد أدت إلى أمور تتعارض مع شريعتنا الإسلامية.
فأقول وبالله التوفيق: لا شك أن جمهور أهل العلم يرون أنه لا عبرة باختلاف المطالع وأن على المسلمين جميعًا أن يصوموا في يوم واحد وأنا أقول بهذا القول وأعتقد رجحانه، ولكن هذا القول مع قوته ورجحانه إلا أنه رأي نظري لم يأخذ طريقه إلى التطبيق الفعلي في تاريخ المسلمين منذ عهد النبي ﷺ لأنه لا تعلم فترة جرى فيها توحيد المسلمين جميعًا على رؤية واحدة إلا ان يكون حصل ذلك عرضًا ودون ترتيب لذلك الأمر وقد يستغرب بعض الناس هذا الكلام ولكنه الواقع، لأن جمع المسلمين على رؤية واحدة عند الصيام أو عند الأعياد، يحتاج إلى وسائل اتصالات حديثة وسريعة حتى يصل الخبر خلال ساعات إلى جميع أنحاء العالم الإسلامي ليصوموا في نفس اليوم، وهل هذا الأمر كان متوفرًا للمسلمين منذ عهد الرسول ص وعهد الخلفاء من بعده! ونحن نعلم أن وسائل الاتصالات الحديثة قريبة العهد، ولنضرب مثلًا يقرب الصورة ففي عهد الخلافة الراشدة كان مقر الخليفة في المدينة المنورة وكانت دولة الخلافة مترامية الأطراف فهل كان إذا ثبت رؤية هلال رمضان لدى الخلفة في المدينة المنورة تطير البرقيات وتشتغل الهواتف لإخبار المسلمين في اليمن وفي مصر وفي الشام وفي العراق ليصوموا في يوم واحد؟ كل ذلك ما حصل وما وقع ومن قال بخلاف هذا فقد أخطأ. ولا شك أنني آمل أن يتحقق جمع المسلمين على رؤية واحدة وأن هذا الأمر لسهل ميسور في هذا الزمان في ظل دولة إسلامية واحدة ومع تقدم وسائل الاتصال ولكن إلى أن يتحقق هذا الأمل، أقول: بأنه يجب على أهل كل بلدان المسلمين أن يصوموا في يوم واحد وأن يكون عيدهم في يوم واحد. فنحن أهل فلسطين علينا أن نصوم جميعًا في يوم واحد وأن يكون عيدنا واحدًا لأن في هذا الأمر محافظة على وحدتنا الجزئية إلى أن تتحقق وحدة العالم الإسلامي الكلية، فلا يقبل أن يختلف أهل البلدة الواحدة أو المدينة الواحدة أو القرية الواحدة، فبعضهم صائم وبعضهم يصلي العيد.
وضابط هذا الأمر هو الالتزام بما يصدر عن أهل العلم في ذلك البلد وهم القضاة في المحاكم الشرعية وطاعتهم في ذلك طاعة في المعروف وإن كان هذا مخالفًا لرؤية أهل بلد آخر، لأن الأصل في الصوم أن يكون مع جماعة المسلمين وعامتهم لما ثبت في الحديث الصحيح من قول الرسول ﷺ (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون) رواه الترمذي وأبو داود والبيهقي وهو حديث صحيح.
قال الإمام الترمذي ﵀: (وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس).
وعلى المسلمين في هذه الديار أن يعلموا أنه يسعهم ما وسع المسلمين في السابق، بل أيام قيام دولة الإسلام، فما كانوا يصومون في يوم واحد وما كان عيدهم في يوم واحد لما ذكرته سابقًا، وأنقل كلام بعض أهل العلم في ذلك:
قال الإمام السبكي ﵀، في كتابه "العلم النشور في إثبات الشهور" (ص١٥) ما نصه (... لأن عمر بن الخطاب وسائر الخلفاء الراشدين لم ينقل أنهم كانوا إذا رأوا الهلال يكتبون إلى الآفاق ولو كان لازمًا لهم لكتبوا إليهم لعنايتهم بأمور الدين).
وقال الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني (... وإلى أن تجتمع الأمة الإسلامية على ذلك - توحيد الصوم والعيد - فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته ولا ينقسم على نفسه فيصوم بعضهم معها وبعضهم مع غيرها، تقدمت في صيامها أو تأخرت. لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد) تمام المنه في التعليق على فقه السنة، ص٣٩٨.
ويقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: (إن السعي الى وحدة المسلمين في صيامهم وفطرهم وسائر شعائرهم أمر مطلوب دائمًا ولا ينبغي اليأس من الوصول اليه، ولا من إزالة العوائق دونه، ولكن الذي يجب تأكيده وعدم التفريط فيه بحال هو، أننا إذا لم نصل الى الوحدة الكلية العامة بين أقطار المسلمين في أنحاء العالم، فعلى الأقل يجب أن نحرص على الوحدة الجزئية الخاصة بين أبناء الإسلام في القطر الواحد، فلا يجوز أن نقبل أن ينقسم أبناء البلد الواحد أو المدينة الواحدة فيصوم فريق اليوم على أنه رمضان ويفطر آخرون على أنه من شعبان وفي آخر الشهر تصوم جماعة وتعيّد أخرى فهذا وضع غير مقبول.
فمن المتفق عليه أن حكم الحاكم أو قرار ولي الأمر يرفع الخلاف في الأمور المختلف فيها فإذا أصدرت السلطة الشرعية المسؤولة عن إثبات الهلال في بلد إسلامي - المحكمة العليا أو دار الإفتاء أو رئاسة الشؤون الدينية أو غيرها - قرارًا بالصوم أو الإفطار فعلى مسلمي ذلك البلد الطاعة والإلتزام.
لأنها طاعة في المعروف وإن كان ذلك مخالفًا لما ثبت في بلد آخر، فإن حكم الحاكم هنا رجح الرأي الذي يقول: إن لكل بلد رؤيته. وقد ثبت عن الرسول ﷺ أنه قال: ﴿صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون﴾ وفي لفظ ﴿وفطركم يوم تفطرون واضحاكم يوم تضحون﴾ فتاوي معاصرة ج٢ ص٢٢٣.
1 / 1
النية في الصيام
يقول السائل: كيف تكون النية في الصيام، وما الحكم لو نوى الصائم أثناء النهار قطع الصوم ولكنه لم يفعل ما يفطره فعلا؟
الجواب: النية فرض من فرائض العبادة، سواء أكانت صلاةً أو صيامًا أو حجًا أو غيرها، وقد ثبت في الحديث الصحيح قول النبي ﷺ:
(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) رواه البخاري وغيره.
والصوم لابد فيه من نية، فلا يصح الصوم بدون نية، سواء أكان الصوم فرضًا أو نفلًا أو قضاءً، وإن اختلف أهل العلم في وقت النية في أنواع الصيام المذكورة، وبالنسبة لصوم رمضان، فالراجح من أقوال أهل العلم أنه لا بد من تبييت النية، أي لابد أن ينوي المسلم الصيام قبل طلوع الفجر، ويدل على ذلك حديث ابن عمر ﵄ عن أخته حفصة زوج النبي ص أن رسول ﷺ قال: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صوم له) رواه أبو داود وابن خزيمة والدراقطني والبيهقي وغيرهم، وهو حديث صحيح كما قال الشيخ المحدث الألباني، انظر إرواء الغليل ٤/ ٢٥.
ومعنى (يجمع) في الحديث أي يعزم، أي لابد لمن أراد الصوم أن يعزم على الصيام خلال الليل، ويكون ذلك من وقت المغرب إلى طلوع الفجر، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا القول المرجح:" إنه أوسط أقوال أهل العلم في المسألة "، انظر مجموع الفتاوى ٢٥/ ١٢٠.
وكما قلت فان المقصود من النية العزم على الصوم، وليس المراد أن يتلفظ بالنية، كأن يقول بلسانه " نويت أن أصوم يوم غدٍ من شهر رمضان " أو نحو ذلك من العبارات، فإن التلفظ بالنية بدعة لا أصل له في الشرع، لأن النية من عمل القلب وليست من عمل اللسان، وقد اتفق معظم العلماء على أن محل النية القلب، والتلفظ بها بدعة لأن ذلك لم ينقل عن الرسول ص أنه علّم أصحابه التلفظ بالنية، ولا أمر به أحدًا منهم فلو كان ذلك مشروعًا لبينه ﵊، إما بالقول أو بالفعل أو بهما وكل ذلك لم يكن.
وينبغي أن يعلم أن كل يوم من أيام رمضان يحتاج إلى نية مستقلة، على الراجح من أقوال أهل العلم لأن كل يوم من أيام رمضان عبادة مستقلة، وهذا بخلاف قول الإمام مالك أنه تجزئ نية واحدة لجميع شهر رمضان.
قال الشيخ ابن قدامى مستدلًا للقول الراجح: "ولنا أنه صومَ واجبَ، فوجب أن ينوي كل يومٍ من ليلته كالقضاء، ولأن هذه الأيام عباداتَ لا يفسد بعضها بفساد بعض ويتخللها ما ينافيها ... " المغني ٤/ ١١١.
وأما مسألة لو نوى الصائم في نهار رمضان قطع الصيام ولم يأكل ولم يشرب ولم يأت شهوته، فان المسألة خلافية بين أهل العلم، فمنهم من يرى أن من نوى الإفطار فقد أفطر وان لم يأكل ولم يشرب، لأن الصوم عبادةَ من شرطها النية، فيفسد الصوم بنية الخروج منه.
ومن أهل العلم من يرى أن من نوى الفطر لا يفطر، لأنه لم يفعل ما يوجب الفطر، وهذا القول هو الذي أختاره وأرجحه، وهو قول الحنفية والأصح عند الشافعية، كما قال الإمام النووي في المجموع ٣/ ٢٨٥.
وقاسوا ذلك على من نوى الكلام في صلاته ولم يتكلم، فصلاته صحيحة ولأن الصوم ملحق بالتروك، أنظر الموسوعة الفقهية ٢٨/ ٢٧.
1 / 2
حكم من اصبح في أول يوم من رمضان مفطرا
ً
ما حكم من أصبح في أول يوم في رمضان وهو لا يعلم بثبوت رؤية الهلال ولم يبيت النية للصوم؟
والجواب: يجب على من أصبح في اليوم الأول من رمضان وهو لا يعلم بثبوت رؤية الهلال ولم يبيت فيه الصوم يجب عليه أن يمسك بقية يومه ويجب عليه قضاء ذلك اليوم لأن تبييت النية من الليل أمر لا بد منه في صوم رمضان ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن ابن عمر عن حفصة عن النبي ﷺ انه قال: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) رواه أصحاب السنن واحمد وهو حديث صحيح.
والمراد بقوله في الحديث (يجمع) أي يعزم والمقصود أنه لا بد من النية قبل طلوع الفجر فعلى هذا الشخص أن يقضي يوما عن اليوم الذي لم يصمه سواء أكل في ذلك اليوم أو لم يأكل.
وينبغي أن يعلم أن النية في الصوم لا يشترط فيها التلفظ باللسان بل أن التلفظ بها بدعة وإنما محلها القلب فإذا خطر على قلبه ليلا أنه يصوم يوم غد من رمضان فقد نوى وكذلك إذا قام للسحور وأما التلفظ بالنية فليس مشروعا.
1 / 3
العبادة في رمضان فقط
يقول السائل: نرى كثيرًا من الناس يقبلون على عبادة الله في شهر رمضان فيصلون ويصومون ويرتادون المساجد فإذا انتهى شهر رمضان انقطعوا عن عبادتهم فما تقولون في هؤلاء؟
الجواب: لاشك أن إقبال الناس على الصلاة والصيام وقراءة القرآن وارتياد المساجد في رمضان يشير الى جوانب ايجابية في حياة الناس والى تعظيمهم لشهر رمضان ولكنه يشير في الوقت ذاته الى خلل في حقيقة تصور هؤلاء الناس لعبادة الله ﷾ فالمفهوم الحقيقي لعبادة الله يتسم بطابع الاستمرارية وعدم الانقطاع فعبادة الله ينبغي أن تكون مستمرة ومتصلة طوال الوقت وعلى مدار الأيام وعبادة الله ﷾ ليست موسمية في رمضان فقط وإنما في كل شهور العام فرب رمضان هو رب شوال وشعبان والله سبحانه يقول: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) أي استمر على عبادة الله حتى يأتيك الموت.
ونقول لهؤلاء الناس الذين يتقربون لله تعالى في رمضان أن عليهم أن يعتبروا قدوم شهر رمضان فرصة عظيمة لتجديد التوبة الصادقة والبدء بحياة جديدة في ظل الإيمان والالتزام بمنهج الرحمن وعليهم أن يجعلوا إقبالهم على الله في رمضان فاتحة خير للاستمرار على طريق الخير والرشاد ونوصيهم بأن يستمروا في هذا الطريق ونحذرهم من النكوص على أعقابهم بعد نهاية رمضان فإن فعلوا ذلك فقد ساروا في طريق الخذلان والعياذ بالله.
1 / 4
الإمساك قبل طلوع الفجر
يقول السائل: ما قولكم فيما يسمى بموعد الإمساك المطبوع في كثير من التقاويم (الإمساكيات) وعادة ما يكون قبل أذان الفجر بربع أو ثلث ساعة. فهل يحرم على المسلم أن يأكل في هذا الوقت؟
الجواب: إن الإمسك قبل أذان الفجر والمتعارف عليه لدى كثير من الناس حيث أنهم يمتنعون عن الطعام والشرب إذا حان موعد الإمساك ويعتبرون أن وقت الصوم قد بدأ، إن هذا الإمساك بدعة ما أنزل الله بها من سلطان ولا دليل على جوازه في الكتاب أو السنة وفيه نوع من الغلو والتشدد الذي نهى عنه الشرع إذا إلتزم به المسلم.
والأصل أن وقت الصيام يبدأ بطلوع الفجر الصادق وهو موعد أذان الفجر يقول الله تعالى: (وكلوا وشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) وبناء على ذلك يجوز للمسلم أن يستمر في الأكل والشرب الى أن يؤذن لصلاة الفجر ولا يحرم عليه الطعام أو الشراب إلا إذا دخل وقت صلاة الفجر
وهذا الإمساك المبتدع يتعارض مع ما ورد في السنة النبوية من تأخير السحور فقد ورد في ذلك أحاديث منها:
١ - ما رواه الإمام البخاري قال: "باب تعجيل السحور ثم ساق بسنده عن سهل بن سعد ﵁ قال: كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله ﷺ -أي صلاة الفجر -.
وقال الحافظ ابن حجر قوله تعجيل السحور أي الإسراع بالأكل إشارة الى أن السحور كان يقع قبل طلوع الفجر. وقد ورد في بعض نسخ صحيح البخاري في ترجمة الباب قوله: باب تأخير السحور.
٢ - روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه: كنا ننصرف من صلاة الليل فنستعجل بالطعام مخافة الفجر.
٣ - وعن أبن عباس قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نجعل فطرنا وان نؤخر سحورنا وان نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة) رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. قاله الهيثمي.
1 / 5
المفطرات المعتبرة
يقول السائل: يتناقل كثير من الناس في رمضان الحديث عن الأمور التي تفطر الصائم ونسمع من المشايخ كثيرًا من ذلك قولهم ان القطرة تفطر الصائم وأن الحقنة تفطر الصائم والتحميلة تفطر الصائم وأن أدخل اصبعه في دبره يفطر ونحو ذلك فما هو الصحيح في هذه الأمور وأمثالها وهل تعتبر للصائم أم لا؟
الجواب: أن الذي دل عليه القران الكريم وسنة المصطفى ص أن ما يفطر الصائم هو الطعام والشراب والجماع ومعلوم أن الطعام والشراب يتناوله الانسان من منفذه الطبيعي وهو الفم فما كان طعامًا أو شرابًا ودخل من المدخل الطبيعي فلا شك أنه يفطر الصائم وقد اجتهد فقهاء الاسلام في الأمور المفطرة للصائم وذكروا أشياء كثيرة من المفطرات حتى صارت كتب الفقه طافحة بها على اختلاف في المذاهب في كل منها، هل يعد مفطرًا أم لا؟
والصحيح الذي أطمئن اليه وتؤيده الأدلة أن كثيرا مما ذكره الفقهاء من المفطرات ليس كذلك ولم تقم الأدلة الصحيحة على اعتباره مفطرا للصائم، وأنا أميل الى التضييق في المفطرات وعدم التوسع فيها لعدم ثبوت الأدلة على أن كثيرا مما عده الفقهاء من المفطرات أنه مفطرا بغض النظر من أين دخل فمثلًا إذا احتقن الصائم بدواء فإنه يفطر بل قال بعضهم إذا استنجى الصائم فأدخل إصبعه في دبره أفطر وإذا اكتحل أفطر .. الخ وهذا الكلام غير مسلم وغير مقبول لماذا؟ لأن الصيام مما يبتلى به عامة الناس في دين الإسلام
ولو كانت مثل هذه الأمور مفسدة للصوم لبينها الرسول ﷺ بيانا عاما مفصلا، قال شيخ الاسلام ابن تيمية ﵀:
وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله ومداواة المأمومة والجائفة- فهذا مما تنازع فيه أهل العلم فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك فان الصيام في دين المسلمين الذي يحتاج الى معرفته الخاص والعام فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام ويفسد الصوم به لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة كما بلغو سائر شرعه فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي ﷺ في ذلك لا حديثا صحيحا ولا ضعيفا ولا مسندا ولا مرسلا علم انه لم يذكر شيء من ذلك. مجموع الفتاوي ٢٥/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
وقال أيضا: أن الأحكام التي تحتاج الأمة معرفتها لا بد أن يبينها الرسول ﷺ بيانًا عامًا ولا بد أن تنقلها الأمة فإذا انتفى هذا علم أن هذا ليس من دينه .. واذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى لا بد أن يبينها ﷺ بيانا عاما ولا بد تنقل الأمة فمعلوم ان الكحل ونحوه مما تعم به البلوى كما تعم بالدهن والاغتسال والبخور والطيب فلو كان هذا مما يفطر لبينه ﷺ كما بين الافطار بغيره .. مجموع الفتاوي ٢٥/ ٢٣٦ - ٢٤٢.
وقال ابن حزم: (إنما نهانا الله تعالى في الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القيء والمعاصي وما علمنا أكلا ولا شرابا يكون على دبر أو احليل أو أذن أو عين أو أنف أو من جرح في البطن أو الرأس وما نهينا قط أن نوصل الى الجوف بغير الأكل والشرب ما لم يحرم علينا ايصاله) المحلى ٤/ ٣٤٨.
1 / 6
صوم الأطفال
يقول السائل في أي سن يصوم الأطفال؟
الجواب: ان الأطفال ليسوا من أهل التكليف شرعا لقوله ﵊: (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يفيق) رواه ابن ماجة وغيره وأسناده صحيح. فهم غير مكلفين شرعًا ولكنهم يؤمرون اذا أطاقوه وهذا الأمر على سبيل التمرين والتعود وعلى هذا أكثر أهل العلم من أجل أن يتمرن الطفل على الصوم وكذلك يفعل معه بالنسبة لبقية الأحكام الشرعية فقد ورد في الحديث قوله ﵊ (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع) رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه.
ولا شك أن الصوم أشق من الصلاة فلذلك فإن الصبي اذا أطاق الصوم يطلب منه ذلك ولا بد أن يكون صومه بالتدريج حتى لا يكون شاقا عليه وقد يطيق الصبي الصوم وهو ابن ثمان أو تسع أو عشر ويعود تحديد السن الى ولي أمره الذي يعرف مقدرة الصبي على الصوم من عدمها.
ومطالبة الصبي بالصوم أمر معهود منذ عهد الصحابة ﵃ فقد ورد في الحديث عن الربيع بنت معوذ ﵂ قالت: ارسل الرسول ﷺ غداة عاشوراء الى قرى الأنصار من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه ومن أصبح صائما فليصم قالت:- فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الافطار) رواه البخاري ومسلم.
ففي هذا الحديث تخبر الصحابية الربيع انهم كانوا يصومون الأطفال في صوم عاشوراء ويشغلونهم عن الطعام باللعب يصنعونها من الصوف فإذا كان الحال كذلك في صوم عاشوراء فمن باب أولى ن يكون في صوم رمضان حتى يتمرنوا على الصوم ويكون الأمر سهلًا اذا ما بلغوا وهكذا ينبغي أن يكون الامر في بقية التكاليف الشرعية قال ابن عباس ﵄: اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله ومروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي فذلك وقاية لهم ولكم من النار).
1 / 7
أكل الصائم ناسيا
ما حكم من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم وهل هناك فرق بين أن يكون ذلك في صوم فرض أو نافلة وهل يشرع لمن رآه يأكل أو يشرب أن يذكره؟
الجواب: لا شك أن النسيان من طبيعة الإنسان وهو من الأمور الخارجة عن ارادته وأن من يسر الشريعة الإسلامية أنها لا تكلف حال نسيانه يقول الله تعالى (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) والنسيان ليس من كسب القلوب وقد ثبت في الحديث قوله ﷺ (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) رواه الطبراني والدارقطني والحاكم بألفاظ مختلفة وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي وغيرهم.
والمقصود بالرفع هنا هو حكم هذه الأمور الثلاثة المذكورة في الحديث والحكم المرفوع هو حكم الدنيا وحكم الآخرة وهذا الكلام ينطبق على من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فلا اثم علي ولا قضاء عليه وليتم صومه وقد ثبت في الحديث الصحيح قوله ﷺ (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) رواه البخاري ومسلم.
وورد في حديث آخر أنه ﷺ قال (إذا أكل الصائم ناسيا أو شرب ناسيا فإنما هو رزق ساقه الله اليه ولا قضاء عليه) رواه الدارقطني وقال اسناده صحيح كلهم ثقات كما نقله ابن الجوزي في التحقيق ٢٢/ ٨٧.
وبهذا يظهر أن من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة وهذا الحكم في مطلق الصوم فرضا كان أو نفلا ولا وجه لمن فرق بين صوم الفريضة وصوم النافلة في هذا الحكم وكذلك لا فرق بين أن يأكل الصائم أو يشرب قليلا أو كثيرا فالحكم لا يختلف ما دام أن الأمر وقع نسيانا فلا حرج في ذلك فقد ورد في الحديث عن أم حكيم بنت دينار عن مولاتها أم اسحق رضي الله عبها أنها كانت عند رسول الله ﷺ فأتى بقصعة من ثريد فأكلت معه ومعه ذو اليدين -صحابي- فناولها رسول الله ﷺ عرقا -عظم عليه لحم- فقال يا أم اسحق أصيبي من هذا فذكرت أني كنت صائمة فرددت يدي لا أقدمها ولا أؤخرها فقال النبي ﷺ مالك؟ قالت كنت صائمة فنسيت فقال ذو اليدين الآن بعد ما شبعت؟ فقال النبي ﷺ أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله اليك رواه احمد والطبراني في الكبير كما قال الهيثمي.
ويشرع في حق من رأى إنسانا يعلم أنه صائم فرآه يأكل أو يشرب أن يذكره يصومه لأن ذلك من باب التعاون على البر والتقوى يقول الله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
ويتأكد هذا التذكير إذا كان الصائم يأكل أو يشرب في رمضان نسيانا فعليه أن يذكره لأن الأكل والشرب في نهار رمضان من المنكرات والرسول ﷺ يقول ﷺ (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم إلا أن ذلك معفو عنه لأنه وقع نسيانا ووقوعه نسيانا من الصائم لا يعفي من رآه من تذكيره.
1 / 8
استعمال الصائم فرشاة الأسنان
ما حكم استعمال فرشاة الأسنان مع المعجون في نهار رمضان؟
الجواب: أن على الصائم أن يأخذ بالأسباب الكفيلة بالمحافظة على الصوم فيبتعد على كل ما من شأنه أن يخل بالصوم. فيستطيع الشخص أن ينظف أسنانه بالفرشاة والمعجون قبل الفجر أو بعد الإفطار فهذا هو الأفضل ويجوز له أن يستعملها أثناء النهار إذا تيقن من عدم نزول شيء الى جوفه. لأن نزول شيء من المعجون أو الماء الى الجوف من المفطرات والإحتياط في هذا الأمر أولى.
1 / 9
دواء مرضى الربو والصوم
يقول السائل هل البخاخ الذي يستعمله بعض المرضى في الفم يفطر الصائم؟ وهل التحاميل تفطر الصائم؟
الجواب: إن البخاخ المذكور في السؤال هو سائل يستعمل لتوسيع شرايين الرئتين عند ضيق النفس ولا يصل الى المعدة عند استعماله من المريض كما قال الأطباء وبناء على ذلك فهو غير مفسد للصيام إن شاء الله.
وأما التحاميل فلا تعد من مفسدات الصوم ولا بأس باستعمالها إذا أخذت على أنها علاج.
1 / 10
المسائل الطبية في الصيام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
فهذه مجموعة من الأسئلة التي تتعلق بأمور طبية وعلاقتها بالصيام، أجبت عليها على وجه الإختصار، وقبل الشروع فيها أود أن أبين قضية هامة تتعلق بالمفطرات في رمضان فأقول:
من المعلوم أن المفطرات المتفق عليها بين أهل العلم، هي الطعام والشراب والشهوة ويدل على ذلك قوله تعالى: (احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام الى الليل) سورة البقرة /١٨٧.
ويضاف للمفطرات الثلاثة ما اتفق عليه أهل العلم على أنه مفطر، مما هم في حكم الطعام والشراب، كالتدخين وتعاطي الأدوية عن طريق الفم وهو المنفذ الطبيعي للطعام والشراب، فما كان طعامًا أو شرابًا ودخل من المدخل الطبيعي فلا شك أنه يفطر الصائم، وقد اجتهد فقهاء الإسلام في الأمور المفطرة للصائم، وذكروا أشياء كثيرة من المفطرات حتى صارت كتب الفقه طافحة بها، على اختلاف في المذاهب في كل منها، هل يعد مفطرًا أم لا؟
والصحيح الذي أطمئن اليه وتؤيده الأدلة، أن كثيرًا مما عدّه الفقهاء من المفطرات ليس كذلك، ولم تقم الأدلة الصحيحة على اعتباره مفطرًا للصائم، وأنا أميل إلى التضييق في المفطرات وعدم التوسع فيها، لعدم ثبوت الأدلة على صحة ما عده كثير من الفقهاء من المفطرات أنه مفطر فعل، فمثلًا قال بعض الفقهاء أن مجرد دخول أي شيء إلى الجسم يعد مفطرا ً بغض النظر من أين دخل، فمثلًا إذا احتقن الصائم بدواء فإنه يفطر بل قال بعضهم إذا استنجى الصائم فأدخل إصبعه في دبره أفطر، وإذا اكتحل أفطر ... الخ، وهذا الكلام غير مسلم وغير مقبول لماذا؟
لأن الصيام مما يبتلى به الناس في دين الإسلام ولو كانت مثل هذه الأمور مفسدة للصوم لبينها رسول الله ﷺ بيانًا عامًا مفصلًا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: "وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله ومداواة المأمومة والجائفة، فهذا مما تنازع فيه أهل العلم فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك، ومنهم منن فطر بالجميع لا بالكحل ومنهم من فطر بالجميع لا بالتقطير، ومنهم من يفطر بالكحل ولا بالتقطير، ويفطر بما سوى ذلك، والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج الى معرفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام ويفسد الصوم بها، لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك، لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة، كما بلغوا سائر شرعه، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي ﷺ في ذلك لا حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلًا، عُلم أنه لم يذكر شيئًا من ذلك" مجموع الفتاوى ٢٥/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
وقال أيضًا: " إن الأحكام التي تحتاج الأمة معرفتها لا بد أن يبينها الرسول بيانًا عامًا ولا بد أن تنقلها الأمة، فإذا انتقى هذا عُلم أن هذا ليس من دينه ... وإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى لا بد أن يبينها ص بيانًا عامًا، ولا بد أن تنقل الأمة، فمعلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى كما تعم بالدهن والإغتسال والبخور والطيب، فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي ﷺ كما بين الإفطار بغيره ... " مجوع الفتاوى ٢٥/ ٢٣٦ - ٢٤٢.
وقال إبن حزم: "إنما نهانا الله تعالى في الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القيء والمعاصي، وما علمنا أكلاُ ولا شرباُ يكون على دبر أو إحليل أو أذن أو عين أو أنف أم من جرح في البطن أو الرأس، وما نهينا قط أن نوصل الى الجوف بغير الأكل والشرب ما لم يحرم عينا إيصاله" المحلي ٤/ ٣٤٨.
إذا تقرر ما قلت: فهذه هي الأسئلة وإجاباتها:
١ - ما هو تأثير الحقن على الصيام؟
الجواب: إن الحقن التي تعطى للمريض على نوعين:
- الحقن التي يقصد بها الدواء، وليست للتغذية فهذه لا تفطر الصائم، سواءً كانت في العضل أو في الوريد أو كانت في الشرج.
- الحقن التي يقصد بها الغذاء فهذه مفطرة لأنها في معنى الطعام والشراب.
٢ - هل التحاميل تبطل الصوم؟
الجواب: التحاميل إن كانت علاجية ولا يقصد بها الغذاء، فلا تبطل الصيام، وإن كانت للتغذية فهي مبطلة للصوم.
٣ - هل الحبوب التي توضع تحت اللسان تبطل الصوم؟
الجواب: هذه الحبوب التي توضع تحت اللسان تفطر الصائم.
٤ - هل المراهم تبطل الصوم؟
الجواب: المراهم التي تدهن بها الأعضاء المريضة لا تبطل الصوم.
٥ - هل القطرة تفطر الصائم؟
الجواب: القطرات سواء أكانت عن طريق الأذن أو العين أو الأنف لا تفطر الصائم لأنها ليست طعامًا ولا شرابًا ولا تدخل الى الجوف من المدخل الطبيعي للطعام والشراب، وهو الفم.
٦ - هل البخاخ الذي يستعمله بعض المرضى لتوسيع الشرايين يفسد الصيام؟
الجواب: إن البخاخ المذكور سائل يستعمل لتوسيع شرايين الرئتين عند ضيق التنفس ولا يصل الى المعدة عند استعماله كما قال بعض الأطباء وبناءً عليه لا يفسد الصيام.
٧ - هل الدواء الذي يؤخذ للغرغرة في الفم يبطل الصيام؟
الجواب: لا يبطل الصوم بدواء الغرغرة طالما لم يبتلعه المريض، فإذا ابتلعه المريض بطل صيامه.
٨ - هل الدواء الذي يعطى للمريض عن طريق التبخير، ويقوم المريض باستنشاقه يفسد الصوم؟
الجواب: الذي يظهر لي أنه غير مبطل للصوم.
٩ - هل استخدام الأكسجين يبطل الصيام؟
الجواب: الأكسجين المذكور لا يبطل الصيام، لأنه ليس بطعام ولا شراب بل هو من مكونات الهواء الذي نتنفسه.
١٠ - هل سحب الدم يفطر الصائم؟
الجواب: سحب الدم لا يفطر الصائم.
١١ - إذا إصيب الأنسان بنزيف وهو صائم هل يبطل صومه؟
الجواب: إن خروج الدم من الإنسان سواء كان من الفم أو الأنف أو الوجه أو الرأس، لا يؤثر على الصيام، إلا إذا دخل الدم الجوف، كمن خلع ضرسه فنزل الدم الى جوفه فهذا يبطل الصوم وما عداه فلا.
١٢ - هل الفحص المهبلي للمرأة يبطل الصيام؟
الجواب: لا يبطل الصوم بالفحص المهبلي للمرأة.
١٣ - هل الفحص الشرجي للمريض يبطل الصوم؟
الجواب: لا يبطل الصيام بالفحص الشرجي.
١٤ - هل التدخين يبطل الصيام؟
الجواب: نعم اتفق أهل العلم المعاصرون وغيرهم، على أن التدخين يبطل الصيام.
١٥ - إذا استنشق الصائم الدخان دون أن يدخن، كان يجلس في مكان فيه مدخنون فهل يبطل صومه؟
الجواب: لا يبطل صومه إن شاء الله، ولا ينبغي للصائم أن يجالس المفطرين في رمضان بإختياره.
١٦ - هل يجوز للمرأة استعمال أدوية لتأخير الحيض من أجل أن تصوم رمضان كله؟
الجواب: يجوز ذلك وان كان الأولى أن تترك المرأة الأمور على طبيعتها، لأن الحيض شيء كتبه الله على النساء، فلا تتناول هذه الحبوب، وإن تناولتها فينبغي أخذ رأي الأطباء في أنه لا يلحق المرأة أذى من تناول هذه الحبوب.
١٧ - هل يجوز للصائم استعمال فرشاة الأسنان والمعجون أثناء الصيام؟
الجواب: ينبغي للصائم إن أراد استعمال فرشاة الأسنان والمعجون أن يستعملها قبل طلوع الفجر، أو بعد الأفطار، فهذا هو الأفضل والأحوط، وإن استعملها أثناء النهار فلا بأس، بشرط أن لا يبتلع شيئًا من ذلك، فإن ابتلع شيئًا من ذلك فقد بطل صومه.
١٨ - هل القيء يبطل الصوم؟
الجواب: إذا خرج القيء من الصائم رغمًا عنه فصومه صحيح، وأما إن استقاء بأن سعى في الإستفراغ فقد بطل صومه وعليه القضاء.
١٩ - هل يجوز للمرضع والحامل أن تفطرا في رمضان؟
الجواب: إذا استطاعت الحامل والمرضع الصوم دون أن يلحقهما ضرر فهو المطلوب، وإلا يجوز لهما الإفطار وتقضيا ما عليهما من صيام.
* * *
1 / 11
إكراه الزوجة على الإفطار في شهر رمضان
تقول السائلة: إنها امرأة تصوم رمضان ولكن زوجها لا يصوم ويكرها على الجماع في نهار رمضان فماذا تصنع؟
والجواب: إن زوجك رجل فاسق ومرتكب للمحرمات فهو لا يصوم ولا يكتفي بذلك بل يفسد عليك صيامك والواجب عليك ألا تطيعيه فيما يطلب وإن تحاولي الإمتناع قدر الإستطاعة فإذا أكرهك إكراهًا شديدًا وحصل الجماع فقد أفطرت ويجب عليك قضاء ذلك اليوم ولا إثم عليك إن شاء الله لقوله ﷺ "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
وعلى زوجك أن يبادر الى التوبة الى الله ﷿ وأن يعود عن غيه وضلاله وعليه أن يحذر غضب الجبار ﷾ ويجب عليك أن تذكريه بالله وتذكريه بحرمة ما يفعل لعله يذكر أو يخشى فيرجع الى طريق الحق والصواب.
1 / 12
هل القطرة تفطر الصائم؟
هل القطرة في العين أو في الأذن أو الأنف مما يفطر الصائم؟ وما حكم استعمال الحقن للصائم؟
الجواب: إن حقيقة الصيام هي الإمتناع عن الطعام والشراب والجماع كما هو معروف فما كان من هذه الأنواع فهو مفطر للصائم وأما القطرة بأنواعها المختلفة سواء كانت في الأنف أو الإذن أو العين فإنها لا تفطر الصائم لأن هذه ليست طعامًا ولا شرابًا ولا تدخل الى الجوف من المدخل الطبيعي للطعام والشراب ولا يعد استعمال القطرة بأنواعها المختلفة أكلًا أو شربًا، لذلك فهي غير مفطرة.
قال شيخ الأسلام إبن تيمية ﵀ عند حديثه عن الكحل والقطرة ونحوها (والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج الى معرفته الخاص والعام فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام ويفسد الصوم بها لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه فلم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي ﷺ في ذلك لا حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلًا علم أنه لم يذكر شيئًا من ذلك) مجموع الفتاوي ٢٥/ ٢٣٤.
وقال إبن حزم ﵀ (ولا ينقض الصوم حجامة ولا احتلام .. ولا حنة ولا سعوط ولا تقطير في أذن أو في أنف ..) المحلي ٤/ ٣٣٥.
وأما الحقن التي تعطى تحت الجلد أو في الوريد فإذا كانت دواء فلا تفطر وإذا كانت على سبيل الغذاء فهي مفطرة وتتنافى مع حقيقة الصوم.
1 / 13
استعمال أدوية لتأخير الحيض للصائمة
هل يجوز للمرأة تناول أدوية تمنع الحيض حتى تتمكن من الصيام؟
الجواب: إن الحيض من الأمور التي كتبها الله ﷾ على النساء والحيض من موانع الصوم كما هو معلوم والأفضل في حق المرأة أن تسير مع فطرتها التي فطرها الله عليها فتصوم ما شاء الله لها أن تصوم، فإذا حاضت توقفت عن الصيام ومن ثم يلزمها القضاء بعد ذلك.
ومع ذلك فلا مانع من استعمال الأدوية التي تمنع الحيض حتى تتمكن المرأة من الصيام ولكن لا بد من تقييد ذلك بأن لا يلحق المرأة ضرر من استعمال هذه الأدوية وبناء عليه لا بد للمرأة من استشارة طبيب حاذق صاحب دين فإن اخبرها الطبيب بأن استعمال هذه الأدوية يضرها فلا يجوز لها استعمالها لقوله ﷺ "لا ضرر ولا ضرار". رواه أحمد وإبن ماجة والدارقطني غيرهم وهو حديث صحيح.
ومما يشير الى جواز استعمال المرأة لهذه الأدوية ما ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يسقون نسائهم أدوية مأخوذة من الأعشاب لمنع نزول دم الحيض أثناء الحج ويقاس الصوم عليه.
قال الشيخ مرعي الكرمي الحنبلي: (وللإنثى شربه - أي دواء مباح - لحصول الحيض ولقطعه).
لأن الأصل الحل حتى يرد التحريم ولم يرد، كذا قال الشارح. منار السبيل ١/ ٦٢.
وقد أفتى بالجواز في هذه المسألة كثير من أهل العلم المعاصرين منهم الشيخ القرضاوي حفظه الله.
1 / 14
قضاء الحامل ما أفطرته من رمضان
تقول السائلة: إمرأة أفطرت في رمضان بسبب الحمل وجاء رمضان التالي ولم تقض الأيام التي أفطرتها فماذا يجب عليها؟ وهل تلزمها الفدية مع القضاء؟ وما مقدار الفدية إن وجبت؟
الجواب: إن المشروع في حق المسلم أن يبادر الى قضاء الصوم إبراء للذمة ولأنه لا يعلم ما يحدث له من مرض أو سفر أو موت يمنعه من القضاء فإذا دخل رمضان التالي ولم يقض ما عليه فالمسألة فيها خلاف بين أهل العلم فقال جمهور العلماء إن كان تأخير القضاء لعذر شرعي كالمرض مثلًا فيجب القضاء فقط.
وإن كان تأخير القضاء لغيرعذر فيلزم القضاء والفدية وهي إطعام مسكين عن كل يوم وحجتهم بعض الآثار المنقولة عن بعض الصحابة كابن عمر وابن عباس وأبي هريرة ﵃.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يجب القضاء فقط سواء كان تأخير القضاء بعذر أو بدون عذر ولا تجب الفدية لقوله تعالى: "ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر".
وهذا هو القول الرجح فيما يظهر لي لأن المسألة لا يوجد فيها نص ثابت عن الرسول ﷺ قال الإمام الشوكاني: (وذهاب الجمهور الى قوله لا يدل على أنه الحق والبراءة الأصلية قاضية بعدم وجوب الإشتغال بالأحكام التكليفية حتى يقوم الدليل الناقل عنها ولا دليل ههنا فالظاهر عدم الوجوب).
فهذه المرأة عليها قضاء الأيام التي أفطرتها من رمضان ولا فدية عليها.
1 / 15
قضاء الصوم عن الميت
يقول السائل: إذا توفي شخص وكان عليه صيام أيام من رمضان لم يصمها بسبب مرضه فهل يجوز لأولاده صيام تلك الأيام عنه؟
الجواب: لا يصح صيام الأولاد عن أبيهم الذي مات وعليه صيام أيام من رمضان لم يصمها بسبب مرضه لأن صوم الفرض عبادة بدنية محضة لا تدخلها النيابة، ولأن فرض الصيام جار مجرى الصلاة فكما لا يصلي أحد عن أحد فكذلك الصوم لا يصوم أحد عن أحد صوم رمضان.
ويجوز أن يصام عن الميت صوم النذر لأن النذر إلتزام في الذمة بمنزلة الدين فيجوز أن يقوم ولي الميت بالقضاء عنه كما يقضي الدين عنه وعلى هذا يحمل قول الرسول ﷺ
(من مات وعليه صيام صام عنه وليه) رواه البخاري ومسلم.
وعلى أولاد هذا الشخص أن يطعموا مسكينًا عن كل يوم أفطره والدهم الذي مات مريضًا ويدل على ذلك (ماروت عمرة أن أمها ماتت وعليها من رمضان فقالت لعائشة ﵂: أقضيه عنها؟
قالت عائشة: لا بل تصدقي عنها مكان كل يوم نصف صاع على كل مسكين). أخرجه الطحاوي وهو أثر صحيح.
وكذلك ما ورد (عن إبن عباس قال: إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم يصم أطعم عنه ولم يكن عليه قضاء وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه) رواه أبو داود بسند صحيح كما قال الألباني.
وهذا القول الذي ذكرته هو قول السيدة عائشة ﵂ وابن عباس وبه قال الإمام أحمد ابن حنبل واختاره جماعة من المحققين.
1 / 16
تأثير المعاصي والآثام في الصيام
يقول السائل: هل للمعاصي والآثام التي يرتكبها الإنسان في نهار رمضان تأثير على الصيام كالغيبة والنميمة والكذب ونحوها؟
الجواب: يقول الله ﷾:" يا أيها الذين أمنو كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقوم" "ولعل" في لغة العرب تفيد الترجي فالذي يرجى من الصوم تحقق التقوى أي أن الصوم سبب من أسباب التقوى.
وبناء على ذلك فليس الصوم هو مجرد الإمتناع عن المفطرات الثلاث الطعام والشراب والشهوة فحسب بل لا بد من صوم الجوارح أيضًا، فاليد لا بد أن تكف عن أذى الناس، والعين لا بد من صوم الجوارح أيضًا، فاليد لا بد أن تكف عن أذى الناس، والعين لا بد أن تكف عن النظر الى المحرمات، والأذن لا بد أن تكف عن السماع للمحرمات، واللسان لا بد أن يكف عن المحرمات كالغيبة والنميمة والكذب ونحوها، والرجل لا بد أن تكف عن المحرمات فلا تمشي الى ما حرم الله.
إن الصائم مأمور بتقوى الله ﷿ وهي امتثال ما أمر الله واجتناب ما نهى الله عنه وهذه طائفة عطرة من أحاديث رسول الله ﷺ تشير الى هذه المعاني:
١ - عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ (قال الله تعالى ﷿ كل عمل إبن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم) رواه البخاري ومسلم.
٢ - وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابة) رواه البخاري.
٣ - عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول ﷺ (ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم إني صائم) رواه إبن خزيمة والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم وصححه الشيخ الألباني.
٤ - وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ورب قائم ليس له من قيامه الى السهر) رواه النسائي وابن ماجة وابن خزيمة والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري وصححه الشيخ الألباني.
فهذه الأحاديث وغيرها يؤخذ منها أن الصوم لا يقصد به مجرد الإمتناع عن الطعام والشراب، بل لا بد من صوم الجوارح عن المعاصي، فعلى الصائم أن يتجنب كل المحرمات وليتزم بكل ما أمر الله ﷾ به حتى تتحقق فيه معاني الصوم الحقيقية، وإن لم يفعل ذلك فإنه لا ينتفع بصومه ويكون نصيبه من صومه مجرد الجوع والعطش، والعياذ بالله، كما أشار الى ذلك الحديث الأخير، وله رواية أخرى وهي (رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر) وهي رواية صحيحة.
فالأصل في المسلم الإلتزام بشرع الله كاملًا وأن يأتي بالعبادات كما أرادها الله ﷾؛ بأن تكون هذه العبادات محققة لثمارها الإيجابية في سلوك المسلم وحياته، وأما إن كانت الصلاة مجرد حركات خالية من روحها والصوم مجرد جوع وعطش، والزكاة للرياء والسمعة والحج للشهرة واللقب فقد خاب المسلم وخسر وحبط عمله وكان من المفلسين يوم القيامة كما قال ﷺ (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فيمنا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي عنه ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) رواه مسلم وابن حيان والترمذي والبيهقي وأحمد، وبناء على كل ما تقدم نرى أن المعاصي والآثام لها تأثير واضح في الصيام فهي تفسد المعنى الحقيق للصيام ولكنها لا تعد من المفطرات.
1 / 17
قطع الصوم المندوب
يقول السائل: إنه صام يوم اثنين تطوعًا لله تعالى ولما كان وقت الظهر زار قريبًا له فدعاه الى الطعام فأفطر ويسأل هل يلزمه قضاء يوم مكان اليوم الذي أفطره؟
الجواب: إن المشروع في حق المسلم إذا بدأ بأمر مندوب كصلاة مندوبة (نافلة) أو صوم مندوب أن يتمه ويكمله (كصوم يوم الأثنين والخميس).
والذي عليه جمهور الفقهاء أن ذلك ليس واجبًا وإنما هو في دائرة الأستحباب وقد ورد عن النبي ﷺ أحاديث كثيرة تفيد ذلك منها:
١ - عن عائشة ﵂ قالت: (دخل عليّ رسول الله يومًا فقال هل عندكم شيء؟ فقلت لا قال: فإني صائم ثم مر بعد ذلك اليوم وقد أهدي الى حيس فخبأت له منه وكان يحب الحيس قلت يا رسول الله أهدي لنا حيس فخبأت لك منه، قال: أدنيه أما أني قد أصبحت وأنا صائم فأكل منه ثم قال لنا: إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها) رواه مسلم وأبو داود والنسائي واللفظ له.
والحيس: تمر نزع نواه ويدق مع إقط ويعجنان بالسمن كما في المصباح المنير١/ ١٥٩.
٢ - عن أم هانيء ﵂ أن رسول الله ﷺ (دخل عليها فدعى بشراب ثم
ناولها فشربت فقالت يا رسول الله أما إني كنت صائمة فقال رسول الله ﷺ: الصائم
المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر) رواه أبو داود والنسائي والترمذي
وأحمد والبيهقي وضعفه الترمذي وغيره إلا أن الحديث يتقوى بكثرة طرقه كما قال
الشيخ الألباني.
وقال النووي اسناده جيد وقال الحاكم صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وقال الحافظ العراقي إسناده حسن.
٣ - وعن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: (صنعت للنبي ﷺ طعامًا فلما وضع قال رجل: أنا صائم فقال الرسول ﷺ دعاك أخوك وتكلف لك أفطر وصم مكانه إن شئت) رواه البيهقي وإسناده حسن كما قال الحافظ إبن حجر في الفتتح ٥/ ١١٢.
٤ - عن أبي جحيفة قال آخى النبي ﷺ بين سلمان وأبي الدراداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها ما شأنك.
قالت آخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا فقال كل فإني صائم فقال سلمان ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل فلما ذهب الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال سلمان نم فنام ثم ذهب يقوم سلمان نم فلما كان آخر الليل قال سلمان قم الآن فصليا فقال سلمان: إن لربك عليك حقًا ولنفسك عليك حقًا ولأهلك عليك حقًا فإعط كل ذي حقٍ حقه فأتى أبو الدرداء النبي ﷺ فذكر ذلك له فقال النبي ﷺ: صدق سلمان) رواه البخاري وغيره.
فهذه الأحاديث وغيرها يؤخذ منها أن المتطوع أمير نفسه فيجوز له أن يتم وهو الأفضل ويجوز له أن يقطع تطوعه ولا شيء عليه فلا يلزمه القضاء والى هذا ذهب الشافعية والحنابلة ونقل عن جماعة من الصحابة كعمر وإبن عباس وإبن مسعود وجابر وغيرهم ﵃ أجمعين.
إلا أنه ينبغي أن يعلم أن اشتثنى من هذا الحكم الذي ذكرته الحج والعمرة فإذا شرع المسلم بحج أو عمرة فيجب عليه إتمامها بلا خلاف كما قال النووي: (وأما إذا دخل في حج تطوع أو عمرة فإنه يلزمه إتمامها بلا خلاف) المجموع ٦/ ٣٩٣.
1 / 18
صوم النافلة بعد منتصف شعبان
يقول السائل: ما حكم صيام التطوع بعد منتصف شعبان؟
الجواب: إن صوم التطوع بعد منتصف شعبان جائز ولا بأس به عند جمهور أهل العلم وقد ورد في ذلك أحاديث عن النبي ﷺ منها:
١ - عن أبي سلمة أن عائشة ﵂ حدثته قالت: لم يكن النبي ﷺ يصوم شهرًا أكثر من شعبان وكان يقول خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وأحب الصلاة الى النبي ﷺ ما دووم عليه وإن قلت وكان إذا صلى صلاة دوام عليها) رواه البخاري.
٢ - وعن عائشة ﵂ قالت: (لم يكن النبي ﷺ يصوم أكثر من شعبان فإنه كان يصومه كله) متفق عليه.
٣ - وفي رواية أخرة (ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان كان يصومه إلا يصومه إلا قليلًا) متفق عليه.
إلا أنه يجب أن يعلم أنه يكره للمسلم أن يتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين لئلا يختلط النفل بالفرض، أو حتى يسترح الصائم ليدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.
وقد ورد في الحديث عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومًا فليصم ذلك اليوم) رواه البخاري.
1 / 19