Islamic Criminal Legislation Compared to Secular Law
التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي
Publisher
دار الكاتب العربي
Publisher Location
بيروت
Genres
اعتبر قاتلًا له عمدًا وإن لم يَلِ قتله بيده، وهو رأي في مذهب مالك (١) .
ويرى بعض فقهاء مذهب أحمد أنه قتل شبه عمد (٢) .
وإذا حضر نساء ولادة فقطعت إحداهن الحبل السُّري ولم تربطه بعد قطعه متعمدة الامتناع عن ربطه فمات الوليد بسبب ذلك فهي قاتلة له، ومن الممكن اعتبار بقية الحاضرات قاتلات إذا لم يرون أيضًا ربط الحبل السري، لأن القطع غير مهلك في ذاته، وإنما المهلك ترك الربط، ولما كن جميعًا قد تعمدن ترك الربط فالهلاك ينسب إليهن جميعًا (٣) .
٥٩ - متى يعتبر الممتنع مسئولًا؟: والظاهر من تتبع أمثلة الفقهاء أن الممتنع لا يعتبر مسئولًا عن كل جريمة ترتبت على امتناعه، وإنما يسأل فقط حيث يجب عليه شرعًا أو عرفًا أن لا يمتنع. وإذا كان هذا هو القاعدة فهناك اختلاف على ما يوجبه الشرع والعرف، ومن الطبيعي أن يكون هذا الخلاف ما دامت وجهات النظر مختلفة، فمثلًا: يرى بعض الحنابلة أن من أمكنه إنجاء آدمي من هلكة كماء ونار أو سبع فلم يفعل حتى هلك فلا مسئولية عليه (٤)، ويرى بعض الحنابلة أنه مسئول (٥)، وأساس هذا الخلاف هو: هل الإنجاء واجب أم غير واجب؟ ومن هذا القبيل المثل الذي ضربناه عن منع الماء.
٦٠ - الشريعة والقوانين الوضعية: واتجاه فقهاء الشريعة في القتل بالترك هو نفس الاتجاه الذي سار عليه أغلب شراح القوانين الوضعية ابتداء من القرن التاسع عشر، أما قبل ذلك فقد كانت غالبية الشراح ترى أنه لا يمكن إحداث الجريمة بالترك، لأن الترك عدم ولا ينشأ عن العدم وجود، وكانت
(١) مواهب الجليل للحطاب ج٦ ص٢٤٠. (٢) المغني ج٩ ص٥٨١. (٣) الفتاوي الكبرى لابن حجر ج٤ ص٢٢٠، ٢٢١. (٤) الإقناع ج٤ ص٢٠٥. (٥) المغني ج٩ ص٥٨١.
1 / 88