تكليف ما تلك المفسدة مفسدة فيه والا ادى إلى أن علة المكلف غير مزاحة.
فعلى هذا دعاء إبليس وأغواه الخلق هل هو مفسدة أم لا؟ قيل فيه شيئان:
أحدهما ان كل من فسد بدعاء إبليس كان يفسد وان لم يدعه فلم يكن حدا لمفسدة قائمة فيه، والثاني أن التكليف مع دعاء إبليس أشق والتعريض للثواب (1) أكثر، فدخل ذلك في باب التمكين وخرج من باب المفسدة. وكلاهما جائزان.
والذي يدل على وجوب فعل اللطف هو أن أحدنا لو دعا غيره الى طعامه وأحضر الطعام وغرضه نفع المدعو دون ما يعود اليه من مسرة أو غيرها، وعلم أو غلب على ظنه أنه متى تبسم في وجهه أو كلمه بكلام لطيف أو كتب إليه رقعة أو أنفذ غلامه اليه وما أشبه ذلك مما لا مشقة عليه ولا حط له عن مرتبته حضر ومتى لم يفعل ذلك لم يحضر، وجب عليه أن يفعل ذلك ما لم يتغير داعيه عن حضور طعامه، ومتى لم يفعله استحق الذم من العقلاء كما يستحق لو غلق بابه في وجهه، فلهذا صار منع اللطف كمنع التمكين في القبح. وهذا يقتضي وجوب فعل اللطف عليه تعالى، لأن العلة واحدة.
فإن قيل: كيف يجب على من دعا غيره الى طعامه أن يلطف له واصل دعائه له ليس بواجب وانما هو تفضل.
قيل: الأصل وان كان تفضلا فهو سبب لوجوب التمكين ورفع الموانع كالاقدار والتمكين وغير ذلك، وإذا كان سبب وجوب اللطف يختص بالداعي إلى طعامه دون غيره فكذلك يجب أن يكون فعل المكلف يختص بالداعي إلى طعامه دون غيره، كما لا يجب على غير الداعي إلى طعامه التبسم في وجهه ولا غير ذلك من الأفعال المقوية لداعيه كما لا يجب تمكينه وأقداره.
وانما شرطنا استمرار الإرادة لأنه يجوز على الواحد منا أن يبدو له من
Page 80