معرضا له بأن يقتل به كافرا دون مؤمن إذا أراد قتل الكافر دون المؤمن، والا فالسيف يصلح للأمرين.
فعلى هذا إذا أقدر القديم تعالى المكلف ومكنه وخلق فيه الشهوة ويمكنه أن ينال بها المشتهي كما يمكنه أن يختلقه على وجه يشق عليه، فإنما يتخصص بأحد الوجهين دون الآخر بالإرادة.
وانما قلنا في التكليف انه تعريض للثواب لأنه لا يخلو أن يكون فيه غرض أولا غرض فيه، فان لم يكن فيه غرض كان عبثا وذلك لا يجوز عليه تعالى، وان كان فيه غرض لم يخل أن يكون الغرض نفعه أو مضرته، ولا يجوز أن يكون الغرض مضرته لان ذلك قبيح، فلم يبق الا أن يكون غرضه نفعه.
وينبغي أن يكون ذلك النفع مما يستحق بالتكليف، ولا يمكن الوصول اليه الا بالافعال التي يتناولها التكليف، لان الابتداء بالثواب لا يحسن لأنه يقارنه تعظيم وتبجيل، والمعلوم ضرورة قبح ذلك بمن لا يستحقه، ولا يمكن استحقاق الثواب الا بما تناوله التكليف من واجب أو ندب.
فعلى هذا متى حسن التكليف وجب، لان المكلف متى تكاملت شروط تكليفه في وجوه جميع التمكين وجعل الفعل شاقا عليه وكان متردد الدواعي وزال عنه الإلجاء وجب تكليفه، ومتى نقص بعض هذه الشروط قبح تكليفه، لأنه لو لم يكلفه لكان اما مغريا بالقبيح أو عابثا، وكلاهما لا يجوز ان عليه.
يبين ذلك انه إذا كان تعالى قادرا على اغنائه بالحسن عن القبيح فلم يفعل وأحوجه بالشهوات المخلوقة فيه والتخلية بينه وبينه فان لم يكن له غرض كان [عابثا وان كان فيه غرض] (1) فلا غرض فيه الا التكليف، وان يكون ملزما له بحسب المشتهى وان شق عليه ذلك للمنفعة العظيمة بالثواب، وان لم يكن ذلك فالاغراء بتقوية
Page 65