الظلم يحسن ذمه، ولا يحسن مدحه ولا ذمه على طوله وقصره وحسنه وقبحه، وانما كان كذلك لأن الأول متعلق بنا والثاني غير متعلق بنا لا بشيء سواه.
وأيضا فإنه يحسن أن يأمر بعضنا بالقيام والقعود وينهاه عنه ولا يحسن أن يأمره بالطول والقصر ولا ينهاه عنهما، وانما كان كذلك لأن الأول مقدور له فحسن امره والثاني غير مقدور له فلم يحسن أمره به ولا نهيه عنه.
فبان بجميع ذلك أن الواحد فاعل، والقرآن يؤكد ذلك، لأنه قال «جزاء بما كانوا يعملون» (1) و «جزاء بما كانوا يكسبون» (2) و «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره» (3) وقال «من يعمل سوءا يجز به» (4) و «من يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا» (5) وغير ذلك من الآيات التي أضاف الفعل فيها إلينا، [فمن نفا الفعل عنا فقد خالف العقول والقرآن.
ومتى قيل: أضافه إلينا] (6) من حيث كان كسبا لنا قلنا: ان الكسب ليس بمعقول، فلا يجوز له أن يعول عليه. على أن عندهم ان المتولد لا كسب للعبد فيه [عندهم، والظلم لا كسب للعبد] (7) فيه لأنه متعد عن محل قدرته لأنه يوجد في المظلوم، وعندهم انما تعدى محل القدرة عليه لا كسب للعبد فيه فكيف يمكنهم حمل الآية عليه.
ومتى قالوا: ان الكسب الذي هو الظالم في الظلم كالقتل الذي ليس بمستحق عليه والضرب الذي ليس بمستحق عليه وانه في القاتل والضارب دون
Page 58