من النور، فيكون الاعتذار من غير فاعل الإساءة، وذلك قبيح في العقول.
وأما النصارى فمن خالف منهم في نبوة نبينا فالكلام معهم في النبوة سيجيء، ومن قال بقول النصارى من القول بالتثليث والاتحاد والنبوة فقولهم باطل، لان قولهم ثلاثة أقانيم جوهر واحد متناقض، لأن في إثباته واحدا نفيا لما زاد عليه وفي إثبات التثليث إثباتا لما نفى بعينه، وذلك محال. وقولهم بالاتحاد وان الثلاثة صارت واحدا محال، وكذلك قولهم صار الناسوت إلها والمحدث قديما كل ذلك محال. ولو جاز ذلك لجاز أن يصير الواحد مائة وأن يصير القديم محدثا، وكل ذلك فاسد، فيبطل ما قالوه.
وأما قولهم بالبنوة فحقيقة الابن من ولد على فراشه أو خلق من مائه، وكلاهما يستحيلان عليه تعالى، ومجاز ذلك يطلق فيمن يجوز أن يولد على فراشه أو يخلق من مائه. ألا ترى أنهم يقولون «يا ابن فلان بفلان» إذا كان أصغر منه، ولا يقولون «يا ابن شاب شيخا» ولا «يا ابن الإنسان بهيمة» لما لم يجز أن يكون مخلوقا من مائه، فمجاز هذه اللفظة يجوز على من يجوز عليه حقيقتها وحقيقتها مستحيل في الله تعالى، فمجازها مثل ذلك.
وقولهم «ابن الله» لمشاركته له في المشيئة، يوجب أن يكون الأنبياء كلهم أبناء الله، لأنهم يوافقونهم في المشيئة وهم لا يقولونه. فبان بذلك فساد هذه المذاهب، وثبت أنه تعالى واحد لا يشاركه أحد في القدم.
فأما من عبد الأصنام أو الكواكب فقولهم باطل، لأن عبادة من لا يستحقها قبيحة في العقول.
والعبادة إنما تستحق بأصول النعم التي هي خلق الخلق وجعله حيا وقادرا وإكمال عقله وخلق الشهوة فيه التي بها ينتفع وينال الملاذ وخلق المشتهيات وغير ذلك. وكل ذلك لا يقدر عليه غير الله، فيجب أن تقبح عبادته. على أن
Page 46