وبمثل ذلك بعينه يعلم انه لا يدرك بشيء من الحواس الباقية، فلا وجه للتطويل بذكره.
والحاسة السادسة غير معقولة، ولو كانت معقولة لكان حكمها حكم هذه الحواس مع اختلافها واتفاقها في هذا الحكم.
وأيضا قوله تعالى «لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار» (1) دليل على استحالة رؤيته، لأنه تمدح بنفي الإدراك عن نفسه، وكل تمدح تعلق بنفي فإثباته لا يكون الا نقصا، كقوله «لا تأخذه سنة ولا نوم» (2) وقوله تعالى «ما اتخذ الله من ولد» (3) وقوله تعالى «ولم تكن له صاحبة - ولا ولدا» (4) وقوله تعالى «لا يظلم الناس شيئا» (5) وغير ذلك مما تعلق المدح بالنفي، فكان إثباته نقصا.
والآية فيها مدح بلا خلاف وان اختلفوا في جهة المدح، والإدراك في الآية بمعنى الرؤية، لأنه نفى عن نفسه ما أثبته لنفسه بقوله «وهو يدرك الأبصار» (6) وقوله «وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة» (7) لا يعارض هذه الآية، لأن النظر المذكور في الآية معناه الانتظار، فكأنه قال: لثواب ربها منتظرة. ومثله قوله «وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة» (8) أي منتظرة.
وليس النظر بمعنى الرؤية في شيء من كلام العرب ، ألا ترى انهم يقولون
Page 42