قالت وصوتها يرتجف: «إذا كان صديقك قدمها لك فالبسها أنت وأعفني منها.»
قال: «إنها هدية لك وليست لي.»
قالت: «لا أعهد بيني وبينه ما يسوغ له تقديم هدية من هذا النوع.»
قال: «إن الرجل ذو فضل علينا وقد أراد إكرامنا، أيليق بنا أن نرفض إكرامه؟»
قالت: «يمكنك أن تقبل ما يقدمه لك، أما أنا فلا.»
فأظهر الغضب وقال: «أنا أقول لك اقبليها.»
فلم تعد تستطيع صبرا على الكظم، فقالت وقد ارتفع صوتها رغم إرادتها: «لا، لا ... لا يمكنني قبولها يا سيدي.»
وكانت والدتها واقفة وقد تولتها الحيرة، ونظرا إلى لهفتها على ابنتها وأملها في إنقاذ رامز بمساعدة صائب مالت إلى أن تقبل شيرين ما يعرضه عليها أبوها فقالت: «لا تتشبثي برأيك يا شيرين يا حبيبتي، افهمي المقصود أولا ثم قولي ما يبدو لك.»
فالتفتت إلى والدتها لفتة العتاب وقالت: «وأنت أيضا يا أماه؟!» وغصت بريقها وبان الدمع في عينيها، فكان لذلك المنظر وقع شديد على قلب والدتها فسكتت. فعاد أبوها إلى الكلام فقال: «ألا ترينني أطيل صبري عليك وأتلطف في محادثتك؟ أصغ لما أقوله لك، أنا أعلم أنك غاضبة مما أصاب عزيزنا رامزا اليوم، ولكن ...»
فقطعت كلامه ولم تعد تملك حبس نفسها عن البكاء، فأدارت رأسها نحو الحائط وأكبت على ذراعها فوق الوسادة وبكت همسا، لكن والدها عرف بكاءها من اهتزاز كتفيها فغضب لأنها قطعت كلامه بالبكاء وقال: «وتبكين أيضا وأنا أتزلف إليك وأراعي خاطرك؟ تبكين لذكر رامز وهو الذي جر البلاء على نفسه وعلينا وأنا أسعى في ترقيع ما مزقه بطيشه؟ ألا تعلمين أنه أوقع نفسه في غضب البادشاه؟ وأخشى أن يكون أوقعنا معه. وقد وفقت بمعونة الله إلى من ينقذنا من هذه الشرور عند الحاجة، أعني صديقي صائب بك، وهو مع ذلك يعرض علينا مودته فكيف ترفضينه بهذه الفظاظة؟ قومي، اجلسي ...» وأمسكها بذراعها يريد إجلاسها، فانطوت على نفسها وظلت مكبة على ذراعها وقد أغرقت في البكاء.
Unknown page