Inqilab Cuthmani
الانقلاب العثماني وتركيا الفتاة: أصدق تاريخ لأعظم انقلاب
Genres
وإطلاق المسجونين فيها، فقال: إذن هذه ثورة
Revolte
فأجابه المخبر: عفوا يا مولاي، بل هذا انقلاب
Revolution .
فمراد ملك فرنسا أن فعل الثائرين غير مشروع، ولا حق لخروجهم عن الطاعة، وجواب المخبر ينافيه، ويبين أن الانقلاب غير الثورة والعصيان، فنحن اليوم أحوج إلى تعيين معاني الكلمات وإلى وضع قوالب الألفاظ على قدر المعاني؛ لأن الانقلاب السياسي من شأنه أن يحدث انقلابا في اللغة والأدب، فضلا عن انقلاب الأخلاق والعادات والأفكار، ألا ترى الجرائد العثمانية على اختلاف لغاتها من تركية وعربية ورومية وأرمنية ويهودية - إسبانية وعبرانية - وبلغارية وفرنسية والجرائد الألبانية والكردية على وشك الظهور، كيف بدلت لهجاتها بعد حدوث الانقلاب، وهجرت تلك الألفاظ الفخمة والتعبيرات السقيمة، التي تغطي المعاني بستار الإبهام حتى تستبهم على القارئ، وتقيد فكره بسلاسل التذليل والاستعباد؟!
الاستبداد يولد الانقلاب
إن الذي يولد الانقلاب هو الاستبداد، ومقتضاه التغلب والقهر اللذان هما من آثار الغضب والحيوانية، لا من قواعد الدين الإسلامي كما يتوهم بعضنا، وأكثر الأوروبيين الذين يصفون الحكومات الإسلامية بكونها ثيوقراطية؛ أي إنها جامعة بين الديانة والسياسة، وأحكام المستبد أو المستبدين في الغالب جائرة عن الحق، مجحفة بمن تحت يدهم من الخلق، لحملهم إياهم على ما ليس في طوقهم من أغراض المستبد أو المستبدين وشهواتهم؛ ولذا ورد في الخط الشريف السلطاني الذي أعطي به القانوني الأساسي: «إن قوة الحكومة تحافظ على حقوقها المقبولة والمشروعة، وعلى منع الحركات غير المشروعة، أعني بها: منع ومحو الخطيئات وسوء الاستعمالات المتولدة من الحكم الاستبدادي الفردي أو الأفراد القلائل ليستفيد جميع الأقوام المركبة هيئتنا منهم نعمة الحرية والعدالة والمساواة بلا استثناء، وذلك حق ومنفعة حريان بالهيئة الاجتماعية المدنية ... إلخ.»
الاستبداد والإسلام
الاستبداد هو منبع الشرور، وسبب التأخر والانحطاط، وقد ورث ملوك الإسلام هذا الاستبداد عن أكاسرة الفرس وقياصرة الرومان، عن نماردة بابل وفراعنة مصر، عن جنكيز خان وتيمور لنك، والإسلام أول شريعة اعترضت على الاستبداد وقاومته أشد المقاومة، وساوت بين أفراد الأمة، وحافظت على الحقوق والحرية الشخصية، وأمنت الأجانب المعاهدين - فضلا عن أفراد الأمة - على أموالهم ودمائهم وأعراضهم، ومهدت السبيل للحكومة الديمقراطية، ووضعت حق الحاكمية في الأمة، ولم تكتف بإعطائها الحرية في القول والعمل والكتابة والاجتماع، بل فرضت على كل فرد من أفرادها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فجعلت الأمة مسيطرة على الحقوق العامة، ولم تفرق في الحقوق الخاصة بين المسلمين وخليفتهم ولا أولي الأمر منهم، ورد في«الدرر» وهو من أهم الكتب الشرعية: «إن الخليفة يقتص منه ويؤخذ بالمال؛ لأنهما من حقوق العبد، ويستوفيه ولي الحق؛ إما بتمكينه أو بالاستعانة بمنعة المسلمين»، ولذا حكمت القضاة على أكثر من واحد من الخلفاء وسلاطين الإسلام برد المال وضمانه، وأنزلتهم عن المنصة، وأقعدتهم مع الخصم في مجلس الحكم.
الاستبداد آسيوي لا إسلامي
Unknown page