ونظرا لأن الصحراء الكبرى تقع تحت طائلة ضغط مرتفع مستمر، خاصة في الشتاء، فإن الرياح غالبا محلية، بالإضافة إلى الرياح الشمالية الشرقية الجافة التي تهب بانتظام خلال الشتاء والصيف، وللرياح النابعة من الصحراء التي تهب على الأقاليم المجاورة أسماء عديدة، منها: الهارماتان التي تهب على غرب أفريقيا، والهبوب التي تهب على منطقة الخرطوم والبحر الأحمر، والخماسين التي تهب على مصر، والسيروكو التي تعبر البحر المتوسط إلى إيطاليا. وهذه الرياح - بطبيعة مصدرها واتجاه هبوبها - ساخنة متربة يخشاها الناس في أماكن هبوبها. (ب) المناخ الجاف الهامشي
الإقليم الانتقالي في شمال الصحراء الكبرى
يمتد هذا الإقليم بين جبال الأطلس ودرجة العرض 28° شمالا على ساحل الأطلنطي، فيشمل بذلك جزر كناريا، والحد الفاصل بين الصحراء وهذا الإقليم الانتقالي لا يتبع قاعدة واحدة، بل يرتبط في مساره بظروف طبيعية عدة منها الظروف التضاريسية، وظل المطر مما يؤدي إلى تداخل كبير بين الظروف الصحراوية المثالية وإقليم الانتقال، والحقيقة أن جزءا كبيرا من عدم قدرتنا من تحديد الفاصل بين الإقليمين، راجع في أصوله إلى قلة محطات الأرصاد قلة واضحة في هذا الإقليم الشاسع، كما أن عددا كبيرا من محطات الأرصاد الحالية حديثة الإنشاء، مما لا يعطينا متوسطات سنوية طويلة يمكن على أساسها تحديد الإقليم المناخي بمميزاته المختلفة تحديدا واضحا.
شكل رقم (19): الأشهر 1-12 = يناير (كانون 2) إلى ديسمبر (كانون 1). (أ) متوسط الحرارة القصوى بالشهر. (ب) متوسط الحرارة الدنيا بالشهر. التظليل يساوي كمية المطر.
والإقليم الانتقالي جنوب الأطلس العظمى ضيق؛ لأن ظاهرة الفون
Fohn
4
التي تحدث عبر جبال الأطلس العليا تؤدي إلى جفاف الرياح وارتفاع حرارتها في سفوح الأطلس العظمى الجنوبية الشرقية، ومنطقة الأطلس الخلفية، ولكن هذا الإقليم الانتقالي يزيد كثيرا في العرض في منطقة الشطوط العليا بين أطلس البحرية والأطلس الصحراوية، ثم يعود هذا الإقليم إلى الضيق في الشرق ويصل إلى البحر المتوسط في خليج سرت الصغير، ويمتد خلف جبل نفوسة في منطقة عريضة نسبيا فوق الحمادة الحمراء، ليضيق بشدة عند خليج سرت الكبير. ويشمل الإقليم الجزء الشرقي من برقة، تاركا الجبل الأخضر والساحل بين بنغازي ودرنة في نطاق المطر الشتوي، ويستمر الإقليم ضيقا في مرمريكا حتى تقترب الصحراء تماما من ساحل البحر عند السلوم، ويعود للاتساع القليل في مناطق محدودة من الصحراء الغربية المصرية وخاصة عند سيدي براني ومريوط، بينما تصل الصحراء إلى البحر في معظم منطقة الساحل، وتنضم الأقسام الشمالية من الدلتا إلى هذا الإقليم المناخي .
ونظرا للامتداد الكبير لهذا الإقليم الضيق من الغرب إلى الشرق، فإن ظروف القسم الغربي مختلفة عن القسم الشرقي؛ ففي القسم الغربي تتراوح درجة الحرارة بين 40°م و25°م، وإن كانت تتعدل بواسطة الارتفاع (هضبة الشطوط) أو بواسطة اتجاه الرياح، أو حسب الموقع المحلي بالنسبة للظاهرات التضاريسية. والمدى الحراري اليومي كبير وخاصة في الصيف، حيث يرتفع إلى 20°م، وفي كثير من الليالي يحدث الصقيع، وخاصة في الشتاء، وقد تهبط درجة الحرارة إلى −10°م في هضبة الشطوط، ودرجة الرطوبة الجوية منخفضة في الصيف (25٪-45٪)، ومرتفعة في الشتاء (60٪) في القسم الغربي من هذا الإقليم، أما الأمطار فقليلة جدا في الصيف (5-10مم في الشهر)، بينما ترتفع إلى 25-40مم في كل شهر من أشهر الشتاء، ومتوسط سقوط المطر السنوي يتراوح بين 350مم و200مم في هذا القسم.
ويتمتع القسم الشرقي بشتاء أقل برودة من القسم الغربي؛ نظرا لقربه المستمر من ساحل البحر المتوسط، وعلى هذا فالصقيع لا يحدث إطلاقا في المناطق القريبة من البحر، وتتراوح الحرارة المطلقة بين 45°-40°م، كحد أقصى في الفترة بين أبريل وسبتمبر، وبين 17°م في الشتاء. أما الأمطار فمعدومة تماما خلال أشهر الصيف الطويل، وتسقط فقط في أشهر الشتاء بين نوفمبر وفبراير بمتوسط شهري أكثر من 25 مم، وقد تحدث أحيانا أمطار شديدة في أكتوبر ومارس.
Unknown page