وتؤثر درجة الحرارة ودورة الهواء العليا على توزيع نطاقات الضغط الجوي، وهذه النطاقات هي التي تكاد أن تحكم اتجاهات الرياح السطحية دون منازع، وبالتالي يصبح الضغط الجوي عاملا من العوامل التي تتحكم في سقوط الأمطار. وبما أن للضغط الجوي هذه الأهمية، فإنه لا بد لنا من معالجته كتمهيد لدراسة أنواع المناخ المتباين في أفريقيا. (1) الضغط والرياح في يناير
في خلال الشتاء تقع مناطق الضغط المرتفع في النصف الشمالي في عدة مناطق أهمها ما كان فوق سيبيريا، وتمتد هذه المنطقة مع شيء من الضيق إلى الغرب فوق وسط أوروبا الوسطى والغربية، وتنتهي بالاتصال بمنطقة الضغط الدائم فوق جزر الأزورس، ومن جزر الأزورس يمتد نطاق من الضغط المرتفع فوق شمال أفريقيا شرقا ليتصل بمنطقة الضغط المرتفع الآسيوي، وبهذه الطريقة يصبح حوض البحر المتوسط عبارة عن إقليم من الضغط المنخفض النسبي وسط نطاقات من الضغط المرتفع، ويصبح بذلك قطبا يجذب إليه بعض الأعاصير التي تسيطر على شمال الأطلنطي، لهذا السبب نجد أن الرياح الشتوية على ساحل أفريقيا الشمالية غالبا ما تكون غربية محملة بالأمطار، وتمتد من مناطق الضغط المرتفع حول مدار السرطان الرياح الشمالية الشرقية متجهة إلى منطقة الضغط المنخفض حول الإقليم الاستوائي، وتمر بذلك على جنوب الصحراء وإقليم السودان، وبذلك تتضافر مناطق الضغط المرتفع السيبيري والآزوري والصحراوي في إرسال رياح شمالية باردة نسبيا عبر القارة الأفريقية إلى منطقة خط الاستواء وساحل غانا.
أما النصف الجنوبي فيصبح امتدادا لمنطقة الضغط المنخفض الاستوائي، وبذلك ينفصل نطاق الضغط المرتفع المداري فوق المحيطين الهندي والأطلنطي الجنوبي، وينجم عن ذلك أن تتجه الرياح الجنوبية الشرقية من منطقة الضغط المرتفع فوق المحيط الهندي، إلى منطقة الضغط المنخفض فوق وسط جنوب القارة، وتهب عليها محملة بالبخار، وتسقط أمطارا تقل كلما توغلت إلى الداخل. (2) الضغط والرياح في يوليو
نظرا لحركة الشمس الظاهرية تتغير مظاهر الضغط والرياح بشكل واضح على الأخص في النصف الشمالي من القارة، وأظهر ما يتغير هو تلاشي منطقة الضغط المرتفع فوق الصحراء الكبرى، وسيطرة نطاق من الضغط المنخفض نتيجة للحرارة الشديدة فوق كتلة اليابس الآسيوي الضخمة، ويوجد فوق أفريقيا مركزان لمناطق الضغط المنخفض في ذلك الفصل، أحدهما فوق منطقة تشاد، والآخر إلى الشرق من النيل الأوسط قرب العطبرة، والمنطقة الأخيرة ليست قائمة بذاتها بل جزء من نطاق الضغط المنخفض الآسيوي الذي يتركز قطبه على المنطقة الممتدة من السند وجنوب شرق الجزيرة العربية. وتتصل منطقة الضغط المنخفض هذه بمنطقة الضغط المنخفض الدائم على خط الاستواء، وبذلك يسيطر على القارة شمال خط الاستواء نطاق هائل من الضغط المنخفض.
خريطة رقم (13).
أما البحر المتوسط فيقع فوقه نطاق من الضغط المرتفع النسبي، وتنطلق من هذه المنطقة رياح شمالية شرقية يكون لها أثر في تخفيف درجة الحرارة في معظم الجزء الشمالي من أفريقيا حتى الإقليم السوداني، ومن خصائص هذه الرياح أنها كلما توغلت جنوبا ازدادت درجة حرارتها، وبالتالي ازدادت قدرتها على امتصاص بخار الماء؛ وهي بذلك رياح جافة.
وجنوب هذا النطاق الهائل من الضغط المنخفض يسيطر الضغط المرتفع على المحيطين الهندي والأطلنطي، ومنهما تهب الرياح الممطرة إلى ساحل غانا وساحل أفريقيا الشرقي، وتتوغل هذه الرياح كثيرا داخل القارة نظرا لوجود مراكز الضغط المنخفض السابق ذكرها، وبالتالي تسقط المطار في هذا الفصل على الإقليم السوداني كله من المحيط الأطلنطي إلى هضبة الحبشة. وفي الغالب تجذب مناطق الضغط المنخفضة فوق العطبرة تيارات هوائية من المحيط الأطلنطي تؤدي إلى سقوط الأمطار الغزيرة على الحبشة، أما نصف القارة الجنوبي فإنه يقع تحت تأثير منطقة ضغط مرتفع نسبي؛ لهذا فإن أمطار هذا الجزء من أفريقيا تكاد تكون محدودة بالساحل، كما تقع الأجزاء الغربية من إقليم الكاب تحت تأثير أعاصير تسقط عليها أمطار شتوية. (3) الأقاليم المناخية الرئيسية
على أساس القواعد الخمس التالية يمكننا أن نقسم أفريقيا إلى ثلاثة أقسام مناخية رئيسية، لكل منها أقسام فرعية: (1)
مطر دائم غزير أكثر من 150 سنتيمترا. (2)
جفاف تام. (3)
Unknown page