210

Ifham al-yahud

افحام اليهود

Publisher

دار القلم - دمشق

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٠هـ - ١٩٨٩م

Publisher Location

الدار الشامية - بيروت

- ١٨٥ - رِسَالَة إِلَى السموأل وجوابها (*) بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم انْتِقَال سيدنَا الإِمَام الحبر الْعَالم الأوحد الرئيس مؤيد الدّين شمس الْإِسْلَام أوحد الْعَصْر ملك الْحُكَمَاء أدام الله تأييده وأرغم حسوده من الْملَّة الإسرائيلية إِلَى الْملَّة الإسلامية إِمَّا هوى واستحسان وعبث أَو بِدَلِيل وبرهان فَأَما الْهوى وَالِاسْتِحْسَان والعبث فَهُوَ مَا يقبح بِمثلِهِ وَلَا يَلِيق لمن وصل إِلَى دَرَجَته من الْعلم وَلَا سِيمَا فِي الِاعْتِقَاد وَالدّين وَإِن قَالَ إِنَّه بِدَلِيل وبرهان وَبحث وَنظر فَإِن كَانَ هَذَا الْبَحْث وَالنَّظَر بعقل حدث لَهُ فِيمَا بعد فَرُبمَا حدث لَهُ عقل آخر فيريه أَن مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآن بَاطِل وَإِن كَانَ ذَلِك الْبَحْث بِالْعقلِ الأول فَهَلا كَانَ ذَلِك الْبَحْث قبل ذَلِك الْوَقْت وَلَعَلَّه لَو ازْدَادَ فِي الْبَحْث وَالنَّظَر لعلم أَن الْحق فِي غير الْمَذْهَب الَّذِي صَار إِلَيْهِ وَإِن قَالَ عرفت أَن الْحق فِي هَذَا الدّين بِالدَّلِيلِ والبرهان قُلْنَا بِأَيّ طَرِيق ثمَّ إِنَّه لَا يعلم أحد أَن مذهبا أصح من سَائِر الْمذَاهب إِلَّا إِذا بحث واستقصى عَن جَمِيع الْمذَاهب وَتَأمل جَمِيع مَا اصله أَرْبَابهَا وحججهم

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذه الرسالة ليست في المطبوعة بل في نشرة د محمد عبد الله الشرقاوي للكتاب أضفناها هنا للفائدة، وأرقام الصفحات مثبتة أعلى كل صفحة (ط ٣، دار الجيل - بيروت، ١٤١٠ - ١٩٩٠)

- ١٨٦ - فَإِن هُوَ أدعى ذَلِك فَهُوَ محَال لِأَن عمره لَا يَفِي لمطالعة جَمِيع مَا أَصله سَائِر أَصْحَاب الْمذَاهب والأديان وَلَعَلَّه لَو سُئِلَ عَن حَقِيقَة دين الْمَجُوس والثنوية والبراهمة لما كَانَ قيمًا بعلوم مَذْهَبهم وَأَيْضًا فَإِن الْملَّة الَّتِي قد انْتقل إِلَيْهَا هِيَ على مَذَاهِب كَثِيرَة فَإلَى أَيهَا انتسب وأيها اخْتَار فَإِن كَانَ إِلَى الْآن غير منتسب إِلَى أَحدهَا فَهُوَ إِلَى الْآن غير مُسلم وَإِن كَانَ قد رجح أحد الْمذَاهب فَبِأَي طَرِيق إِن ادّعى الْبُرْهَان اسْتَحَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن يكون قد اطلع على سَائِر كَلَام أَصْحَاب الشَّافِعِي وَابْن حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَإِن كَانَ قد رجح أحد الْمذَاهب اسْتِحْسَانًا وَهوى أَو تقليدا فَذَلِك مِمَّا لَا يَلِيق بالعلماء والحكماء وَحِينَئِذٍ يرْتَفع عَنْهُم الْملك وَرَأى سيدنَا الإِمَام الحبر فِي تَأمل ذَلِك والإجابة عَنهُ أَعلَى
- ١٨٧ - نُسْخَة الْجَواب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قل لله الْمشرق وَالْمغْرب يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ تَأَمَّلت مَا ذكره هَذَا الْمُعْتَرض السَّائِل عَمَّا لَا يعنه فَليعلم أَن الله هَدَانِي بِالدَّلِيلِ الْوَاضِح وَالْحجّة الثَّابِتَة من غير تَقْلِيد لمعلم أَو وَالِد وَأما سُؤَاله عَن وَقت الإذعان بِالْكَلِمَةِ الإسلامية هَل كَانَ تاليا لاعتقادها أَو تخَلّل بَينهمَا زمَان كَانَت هَذِه الْكَلِمَة فِيهِ مضمرة غير مظهرة فَهُوَ ضرب من الفضول لِأَن الْإِسْلَام مَقْبُول عِنْد الله وَعند أهل الدّين فِي أَي الْوَقْتَيْنِ كَانَ وَأما نسبته لتأخير إِظْهَاره إِلَى الْعَبَث فَمن أَيْن لَهُ أَن تَأْخِير الإذعان والإشهار لم يكن لتوخي وَقت أَو لمحاذرة عَدو على أَنا نبرأ إِلَى الله من التضجيع فِي إِجَابَة الدَّاعِي إِلَى الْحق بعد مَعْرفَته
- ١٨٨ - وَلَكِن عقيب مَا كشف الله عَن البصيرة وجاد بِنور الْهِدَايَة بادرت إِلَى الانضمام إِلَى زمرة الْحق وَأما قَوْله إِنَّه كَمَا حدث لَهُ هَذَا عقلا فَرُبمَا حدث لَهُ عقل آخر يرِيه أَن مَا هُوَ عَلَيْهِ بَاطِل فَجَوَابه أَن هَذَا تَمْثِيل فَاسد وَكَلَام مختل لِأَن هَذَا الإعتراض إِنَّمَا يرد على من انْتقل إِلَى دين ببحث وَنظر ثمَّ انْتقل عَن الدّين الثَّانِي إِلَى دين ثَالِث ببحث آخر وَنظر آخر لَا على من نبذ المحالات الَّتِي حصلت فِي وهمه بالتلفق من الْآبَاء فِي الطفولة وَأنس بهَا واعتادها من غير أَن تصح عِنْده ببحث وَنظر ثمَّ انه لما اتّفق لَهُ اعمال الْفِكر والبحث أَدَّاهُ الْعقل والأدلة الصَّحِيحَة إِلَى الْحق لِأَن ذَلِك المهجور الْمَتْرُوك لم يؤده إِلَيْهِ نظر. فَكيف يلْزمه مَا ذكر من الشُّبْهَة وَأما قَوْله: هَل بحث عَن جَمِيع الْمذَاهب فانه لَا حَاجَة لي إِلَى ذَلِك لِأَن الْحق فِي جِهَة وَاحِدَة وَلَيْسَ بمتعدد فَلَمَّا قادني الدَّلِيل إِلَى الْمَذْهَب الْحق لزم من صِحَّته بطلَان سَائِر الْمذَاهب الْمُخَالفَة لَهُ من غير حَاجَة إِلَى الإطلاع على جَمِيع مَا حَرَّره أَرْبَابهَا وَأما قَوْله لَو بحث لعلم أَن الْحق فِي غير مَا هُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ محَال لِأَن الْحق لَا يَتَعَدَّد وَأما سُؤَاله عَن مَا الطَّرِيق الَّذِي صحت بِهِ عِنْدِي دَعْوَة الْمُصْطَفى ﷺ فَإِن شَهَادَة هَذِه الْأُمَم الْعَظِيمَة بنبوته مَعَ المعجز الْأَعْظَم الَّذِي لم يبار فِيهِ وَهُوَ فصاحة الْقُرْآن دلَّنِي على ذَلِك وأكد ذَلِك إشارات فهمتها من التَّوْرَاة دلّت عَلَيْهِ إِلَّا أَن الأول هُوَ الأَصْل فِي الدّلَالَة
- ١٨٩ - وآما سُؤَاله عَن الْمَذْهَب الإسلامي الَّذِي انتسبت إِلَيْهِ وَمَا زعم أَنه يلْزَمنِي من مطالعة جَمِيع مَذَاهِب الْأَئِمَّة فَهُوَ شُبْهَة لَا تلزمني وسئال عَمَّا لَا يعنيه إِلَّا أَن جوابي عَنهُ هُوَ الْجَواب الأول بِعَيْنِه وَهُوَ أَن الدَّلِيل قادني إِلَى مَذْهَب اعْتقد بِصِحَّتِهِ فَلَا حَاجَة لي إِلَى تصفح غَيره لِأَن الْحق غير مُتَعَدد فِي الْمذَاهب كَمَا أَنه غير مُتَعَدد فِي الْملَّة على أَن الِاخْتِلَاف بَين الْأَئِمَّة الْمُسلمين إِنَّمَا هُوَ فِي تَوَابِع وصغائر لَا فِي أصل العقيدة بِحَيْثُ يكفر بَعضهم بَعْضًا أَعنِي أَصْحَاب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد ﵃ دون أَصْحَاب الْبدع على أَن هَذَا السَّائِل عَمَّا لَا يعنيه إِذا قَامَ هَذَا الْمقَام فسبيله أَن يقوى مَا هدمت من حجج الْيَهُود ويتشاغل بنصرتهم عَن السُّؤَال عَمَّا لَا يعنيه لِأَنِّي قد أظهرت فَسَاد اعْتِقَادهم وتناقض مَا عِنْدهم فِي الإفحام فَذَلِك أولى من الإخلاد إِلَى شُبْهَة الزَّنَادِقَة وهذيانات المتفلسفة الْكفَّار الَّذين يجب قَتلهمْ فِي الْملَّة الَّتِي فارقتها وَالْملَّة الَّتِي هَدَانِي الله إِلَيْهَا أما مَا ختم بِهِ كَلَامه فَذَاك أَمر مَرْفُوع على الْحَقِيقَة إِلَّا أَن الْمُلُوك والسلاطين جرت عَادَتهم أَن يخصوا كل وَاحِد بِمَا يرونه لَهُ أَهلا حراسة للمراتب من تطاول غير الْأَكفاء (والحسد لَا يزِيد أَهله إِلَّا خمولا ...) (وَإِذا خفيت على الغبي فعاذر ... أَن لَا تراني مقلة عمياء) وَالسَّلَام تمّ الْجَواب

Unknown page