Hurub Dawlat Rasul

Sayyid Qimni d. 1443 AH
141

Hurub Dawlat Rasul

حروب دولة الرسول (الجزء الأول)

Genres

وإذ يقول زعيم طبقة المفسرين ورواة السير والأخبار الحافظ ابن كثير أن صيحة ابن قمئة: قتلت محمدا ، قد أدت إلى بهتة عظيمة بين المسلمين،

42

فإنها على الفور أوقفت - لا جدال - يد القتل المكية عن استمرار القتل والقتال، فهذا ما جاءوا من أجله وقد تحقق، ولم تعد ثمة ضرورة لاستمرار القتل. وبالفعل هدأ الميدان تماما بعد صيحة ابن قمئة. تلك الصيحة التي تصر كتبنا التراثية على القول إنها صيحة الشيطان، لا لشيء إلا لأنها قالت مكروها بحق النبي، رغم أن المتأمل بقليل من النزاهة، يمكنه أن يراها صيحة جاءت في موعدها تماما، وكانت صيحة الإنقاذ لرقاب المسلمين، ولنبيهم.

هذا بينما يرى آخرون - بتغافل حقائق عدة - أن تلك الصيحة كانت السبب في هزيمة المسلمين، ومن ثم لا شك أنها كانت صيحة الشيطان الذي يعنيه هزيمة حزب الله. وذلك بالتأثير الذي فعلته الصيحة بنفوس المسلمين، وخوار عزيمتهم وفزعهم لما علموا أن نبيهم قد قتل، وهو المعلق به مصيرهم ومصير دولتهم. ولكن دقائق الحدث لا تترك لأصحاب ذلك الرأي ما يتمحلون به، لأن الهزيمة كانت قد حلت بالفعل قبل تلك الصيحة، وكانت يد القتل القرشية قد بدأت تفعل فعلها فيمن بقي من المسلمين، ووصل المشركون إلى النبي وفر أصحابه عنه، حتى أصيب إصابات شديدة، وكانت الصيحة متأخرة إلى حد بعيد عن الهزيمة التي تمت قبلها بوقت، عندما ضرب ابن قمئة مصعبا وهو يحسبه محمدا. وما كان ممكنا أن يصل إلى الرسول

صلى الله عليه وسلم

في مؤخرة جيشه، إلا إذا كان ذلك الجيش قد تهاوى وتشرذم، ولم يعد هناك حائل بين المشركين وبين النبي. لكن هؤلاء يصرون، مستندين إلى روايات مثل رواية «الزبير بن العوام»:

وصرخ صارخ: «ألا إن محمدا قد قتل.»

فانكفأنا، وانكفأ القوم علينا.

43

هذا بينما أصحاب تلك الرؤية، وفي روايتهم أنفسهم عما حدث، يظهر واضحا أن «الزبير» كان يصعد مع «طلحة» يساعدان نبيهم الجريح على ارتقاء الشعب، بعد أن خلا الميدان حولهم من أصحابهم، وبقية الصحابة إلى فرار. ومن بقي منهم أخذوا يضربون بعضهم بعضا من البهتة. أما «البيهقي» فيقول:

Unknown page